٢٦- قَالُوا: حَدِيثٌ يَحْتَجُّ بِهِ الرَّوَافِضُ فِي إكفار أَصْحَاب محد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
قَالُوا: رُوِّيتُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ الْحَوْضَ أَقْوَامٌ، ثُمَّ لَيُخْتَلَجُنَّ دُونِي، فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أُصَيْحَابِي أُصَيْحَابِي ".
فَيُقَالُ لِي: "إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ" ١.
قَالُوا: وَهَذِهِ حُجَّةٌ لِلرَّوَافِضِ فِي إِكْفَارِهِمْ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَلَا عَلِيًّا٢، وَأَبَا ذَرٍ، وَالْمِقْدَادَ، وَسَلْمَانَ، وَعَمَّارَ بْنَ يَاسِرٍ، وَحُذَيْفَةَ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّهُمْ لَوْ تَدَبَّرُوا الْحَدِيثَ، وَفَهِمُوا أَلْفَاظَهُ، لَاسْتَدَلُّوا عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ إِلَّا الْقَلِيلَ.
يَدُلُّكَ عَلَى ذَلِكَ قَوْلُهُ: "لَيَرِدَنَّ عَلَيَّ الْحَوْضَ أَقْوَامٌ".
وَلَوْ كَانَ أَرَادَهُمْ جَمِيعًا إِلَّا مَنْ ذُكِرُوا لَقَالَ: "لَتَرِدُنَّ عَلَيَّ الْحَوْضَ، ثُمَّ لَتَخْتَلِجُنَّ دُونِي".
أَلَا تَرَى أَنَّ الْقَائِلَ إِذَا قَالَ: "أَتَانِي الْيَوْمَ أَقْوَامٌ مَنْ بَنِي تَمِيمٍ، وَأَقْوَامٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ"، فَإِنَّمَا يُرِيدُ قَلِيلًا مِنْ كَثِيرٍ؟ وَلَوْ أَرَادَ أَنَّهُمْ أَتَوْهُ إِلَّا نَفرا
١ سبق تَخْرِيجه صفحة: ٥١.
٢ عَليّ بن أبي طَالب بن عبد الْمطلب "أَبُو الْحسن" ابْن عَم رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم نَشأ فِي بَيت النَّبِي وآمن بِهِ وَهُوَ صَغِير، شهد بَدْرًا والمشاهد كلهَا عدا تَبُوك، فقد اسْتَخْلَفَهُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَدِينَة، وَهُوَ رَابِع الْخُلَفَاء الرَّاشِدين، قتل غيلَة لَيْلَة الْجُمُعَة ١٧ رَمَضَان سنة ٤٠هـ، وروى عَنهُ الحَدِيث: بنوه الْحسن وَالْحُسَيْن وَعمر وَمُحَمّد بن الْحَنَفِيَّة وَخلق كثير.