أَكَلْتَ بَنِيكَ أَكْلَ الضَّبِّ حَتَّى ... تَرَكْتَ بَنِيكَ لَيْسَ لَهُمْ عَدِيدُ
وَكَقَوْلِهِمْ فِي الْهُدْهُدِ: "إِنَّ أُمَّهُ مَاتَتْ" فَدَفَنَهَا فِي رَأْسِهِ، فَلِذَلِكَ أُنْتِنَتْ رِيحُهُ.
وَقَدْ ذَكَرَ هَذِهِ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ، فَقَالَ:
غَيْمٌ وَظَلْمَاءُ وَفَضْلُ سَحَابَةٍ ... أَيَّامَ كُفِّنَ وَاسْتَزَادَ الْهُدْهُدُ
يَبْغِي الْقَرَارَ لِأُمِّهِ لِيُجِنَّهَا ... فَبَنَى عَلَيْهَا فِي قَفَاهُ يُمَهِّدُ
فَيَزَالُ يُدْلِجُ مَا مَشَى بِجَنَازَةٍ ... مِنْهَا وَمَا اخْتَلَفَ الْحَدِيثُ الْمُسْنَدُ
وَكَقَوْلِهِمْ فِي الدِّيكِ وَالْغُرَابِ: إِنَّهُمَا كَانَا مُتَنَادِمَيْنِ، فَلَمَّا نَفِدَ شَرَابُهُمَا، رَهَنَ الْغُرَابُ الدِّيكَ عِنْدَ الْخَمَّارِ، وَمَضَى فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَيْهِ، وَبَقِيَ الدِّيكُ عِنْدَ الْخَمَّارِ حَارِسًا.
قَالَ أُمَيَّةُ بْنُ أَبِي الصَّلْتِ:
بِآيَةٍ قَامَ يَنْطِقُ كُلُّ شَيْءٍ ... وَخَانَ أَمَانَهُ الدِّيكَ الْغُرَابُ
وَكَقَوْلِهِمْ فِي السِّنَّوْرِ إِنَّهَا عَطْسَةُ الْأَسَدِ، وَفِي الْخِنْزِيرِ إِنَّهُ عَطْسَةُ الْفِيلِ، وَفِي الْإِرْبِيَانَةِ١ إِنَّهَا خَيَّاطَةٌ كَانَتْ تَسْرِقُ الْخُيُوطَ فَمُسِخَتْ، وَإِنَّ الْجَرِيَّ٢ كَانَ يَهُودِيًّا فَمُسِخَ، وَحَدِيثُ عِوَجٍ عِنْدَنَا مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ.
وَالْعَجَبُ أَنَّ عِوَجًا هَذَا، كَانَ فِي زَمَنِ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَهُمْ، وَلَهُ هَذَا الطُّولُ الْعَجِيبُ.
وَفِرْعَوْنُ فِي زَمَنِهِ، وَهُوَ ضِدُّهُ فِي الْقَصَرِ، عَلَى مَا ذَكَرَ الْحَسَنُ.
حَدَّثَنَا أَبُو حَاتِمٍ، أَوْ رَجُلٌ عِنْدَهُ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو زَيْدٍ الْأَنْصَارِيُّ النَّحْوِيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عُبَيْدٍ، عَنِ الْحَسَنِ قَالَ: مَا كَانَ طُولُ فِرْعَوْنَ إِلَّا ذِرَاعًا، وَكَانَتْ لحيته ذِرَاعا.
١ الإربيانة: سَمَكَة كالدودة.
٢ الجري: نوع من السّمك.