٤٧- قَالُوا: حَدِيثَانِ مُتَنَاقِضَانِ- الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ:
قَالُوا: رُوِّيتُمْ عَنْ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ السَّائِبِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ بن عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: "الْحَجَرُ الْأَسْوَدُ مِنَ الْجَنَّةِ، وَكَانَ أَشَدَّ بَيَاضًا مِنَ الثَّلْجِ حَتَّى سَوَّدَتْهُ خَطَايَا أَهْلِ الشِّرْكِ"١.
ثُمَّ رُوِّيتُمْ: أَنَّ بن الْحَنَفِيَّةِ سُئِلَ عَنِ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ، فَقَالَ: "إِنَّمَا هُوَ مِنْ بَعْضِ هَذِهِ الْأَوْدِيَةِ"، قَالُوا: وَهَذَا اخْتِلَافٌ.
وَبُعْدٌ: فَكَيْفَ يَجُوزُ أَنْ يُنْزِلَ اللَّهُ تَعَالَى حَجَرًا مِنَ الْجَنَّةِ؟ وَهَلْ فِي الْجَنَّةِ حِجَارَةٌ؟ وَإِنْ كَانَتِ الْخَطَايَا سَوَّدَتْهُ فَقَدْ يَنْبَغِي أَنْ يَبْيَضَّ، لَمَّا أَسْلَمَ النَّاسُ، وَيَعُودَ إِلَى حَالَتِهِ الْأُولَى.
الِاخْتِلَافُ بِالرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ:
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ:
وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّهُ لَيْسَ بِمُنْكَرٍ، أَن يُخَالف بن الْحَنَفِيَّة بن عَبَّاسٍ، وَيُخَالِفَ عَلِيٌّ عُمَرَ، وَزَيْدُ بن ثَابت بن مَسْعُودٍ فِي التَّفْسِيرِ وَفِي الْأَحْكَامِ. وَإِنَّمَا الْمُنْكَرُ أَنْ يَحْكُوا عَنِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَبَرَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ، مِنْ غَيْرِ تَأْوِيلٍ. فَأَمَّا اخْتِلَافُهُمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ فَكَثِيرٌ.
فَمِنْهُمْ مَنْ يَعْمَلُ عَلَى شَيْءٍ سَمِعَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَعْمِلُ ظَنَّهُ وَمِنْهُم من يجْتَهد رَأْيه.
١ انْظُر التَّمْيِيز٦٦، والكشف: ١/ ٣٤٨، وَضَعِيف الْجَامِع ٣/ ١٠٩ برقمين ٢٧٧٠، ٢٧٧١، قَالَ ابْن الْجَوْزِيّ: وَانْظُر تَارِيخ بَغْدَاد ٦/ ٣٢٨، الحَدِيث ضَعِيف جدا.