وَكَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى إِنِّي خَلَقْتُ عِبَادِي جَمِيعًا حُنَفَاءَ" ١.
وَكَقَوْلِهِ: يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: "مَنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعًا" ٢، وَأَشْبَاهِ هَذَا.
وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: "أُوتِيتُ الْكِتَابَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ" ٣، يُرِيدُ: مَا كَانَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَأْتِيهِ بِهِ مِنَ السُّنَنِ.
وَقَدْ رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمَ النَّاسُ بَعْدَهُ، وَأَخَذَ بِذَلِكَ الْفُقَهَاءُ.
رَضَاعُ الْكَبِيرِ:
فَأَمَّا رُضَاعُ الْكَبِيرِ عَشْرًا، فَنَرَاهُ غَلَطًا مِنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ.
وَلَا نَأْمَنُ أَيْضًا أَنَّ يَكُونَ الرَّجْمُ الَّذِي ذُكِرَ أَنَّهُ فِي هَذِهِ الصَّحِيفَةِ، كَانَ بَاطِلًا، لِأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَجَمَ مَاعِزَ بْنَ مَالِكٍ وَغَيْرَهُ، قَبْلَ هَذَا الْوَقْتِ، فَكَيْفَ يَنْزِلُ عَلَيْهِ مَرَّةً أُخْرَى؟
وَلِأَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ، رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ بِعَيْنِهِ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ، عَنْ عَمْرَةَ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ:
كَانَ فِيمَا أُنْزِلُ مِنَ الْقُرْآنِ: "عَشْرُ رَضَعَاتٍ مَعْلُومَاتٍ، يُحَرِّمْنَ" ٤، ثُمَّ نُسِخْنَ بِخَمْسٍ مَعْلُومَاتٍ يُحَرِّمْنَ، فَتُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُنَّ مِمَّا يُقْرَأُ مِنَ الْقُرْآنِ.
وَقَدْ أَخَذَ بِهَذَا الْحَدِيثِ قَوْمٌ مِنَ الْفُقَهَاءِ، مِنْهُمُ الشَّافِعِيُّ، وَإِسْحَاقُ، وَجَعَلُوا الْخَمْسَ حَدًّا بَيْنَ مَا يُحَرِّمُ وَمَا لَا يُحَرِّمُ، كَمَا جَعَلُوا الْقُلَّتَيْنِ حَدًّا بَيْنَ مَا يَنْجُسُ مِنَ الْمَاءِ، وَمَا لَا يَنْجُسُ.
١ رَوَاهُ مُسلم: جنَّة٦٣، وَأحمد: ٤/ ١٠٢.
٢ الحَدِيث: سبق تَخْرِيجه ص٣٢٧، ٣٩٨.
٣ رَوَاهُ أَحْمد: ٢/ ١٢٩، ٤/ ١٣١.
٤ رَوَاهُ أَبُو دَاوُد: نِكَاح٤٩، وَمُسلم: رضَاع ١٥، وَأَبُو دَاوُد: نِكَاح ١٠ وَالتِّرْمِذِيّ: رضَاع٣، والموطأ: رضَاع ١٨.