وَالْحَدِيثُ الثَّانِي: "أَمَرَنِي أَنْ آخُذَ الْبَعِيرَ بِالْبَعِيرَيْنِ إِلَى إِبِلِ الصَّدَقَةِ".
يُرِيدُ: سَلَفًا وَقَدْ مَضَتِ السُّنَّةَ فِي السَّلَفِ بِأَنْ يَدْفَعَ الْوَرَقَ. أَوِ الذَّهَبَ، أَوِ الْحَيَوَانَ سَلَفًا فِي طَعَامٍ، أَوْ تَمْرٍ، أَوْ حَيَوَانٍ، عَلَى صِفَةٍ مَعْلُومَةٍ، وَإِلَى وَقْتٍ مَحْدُودٍ.
وَلَيْسَ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُسْتَسْلِفِ، فِي الْوَقْتِ الَّذِي دَفَعْتَ إِلَيْهِ الثَّمَنَ.
وَعَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَكَ بِهِ عِنْدَ مَحِلِّ الْأَجَلِ، فَصَارَ حُكْمُ السَّلَفِ خِلَافَ حُكْمِ الْبَيْعِ؛ إِذْ كَانَ الْبَيْعُ لَا يَجُوزُ فِيهِ أَنْ تَشْتَرِيَ مَا لَيْسَ عِنْدَ صَاحِبِكَ، فِي وَقْتِ الْمُبَايَعَةِ.
وَكَانَ السَّلَفُ يَجُوزُ فِيهِ أَنْ تُسْلِفَ فِيمَا لَيْسَ عِنْدَ صَاحِبِكَ، فِي وَقْتِ الِاسْتِسْلَافِ.
وَلَمَّا نَفِدَتِ الْإِبِلُ، أَمَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَسْتَسْلِفَ الْبَعِيرَ الْبَازِلَ١، وَالْعَظِيمَ وَالْقَوِيَّ مِنَ الْإِبِلِ، بِالْبَعِيرَيْنِ مِنْ إِبِلِ الصَّدَقَةِ الْحِقَاقِ٢، وَالْجِذَاعِ٣ الَّتِي لَا تَصْلُحُ لِلْغَزْوِ، وَلَا لِلسَّفَرِ.
وَرُبَّمَا كَانَ الْوَاحِدُ مِنَ الْإِبِلِ الْبَوَازِلِ الشِّدَادِ خَيْرًا مِنِ اثْنَيْنِ وَثَلَاثَةٍ وَأَرْبَعَةٍ مِنْ إبل الصَّدَقَة.
١ البازل من الْإِبِل: وَذَلِكَ فِي تَاسِع سنيه وَلَيْسَ بعده سنّ تسمى. "الْقَامُوس".
٢ الحقاق: النوق الَّتِي سَقَطت أسنانها هرمًا. "الْقَامُوس".
٣ الجذاع: الْإِبِل فِي الْخَامِسَة. "الْقَامُوس".