٦٥- قَالُوا: حَدِيثٌ يُبْطِلُهُ حُجَّةُ الْعَقْلِ- تَعْبِيرُ الرُّؤْيَا:
قَالُوا: رُوِّيتُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ، مَا لَمْ تُعَبَّرْ، فَإِذَا عُبِّرَتْ وَقَعَتْ" ١.
قَالُوا: كَيْفَ تَكُونُ الرُّؤْيَا عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ؟ وَكَيْفَ تَتَأَخَّرُ عَمَّا تُبَشِّرُ بِهِ أَوْ تُنْذِرُ مِنْهُ بِتَأَخُّرِ الْعِبَارَةِ لَهَا، وَتَقَعُ إِذَا عُبِّرَتْ؟
وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهَا إِنْ لَمْ تُعَبَّرْ، لَمْ تَقَعْ.
قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ: وَنَحْنُ نَقُولُ: إِنَّ هَذَا الْكَلَامَ خَرَجَ مَخْرَجَ كَلَامِ الْعَرَبِ وَهُمْ يَقُولُونَ لِلشَّيْءِ، إِذَا لَمْ يَسْتَقِرَّ: "هُوَ عَلَى رِجْلِ طَائِرٍ وَبَيْنَ مَخَالِيبِ طَائِرٍ، وَعَلَى قَرْنِ ظَبْيٍ"، يُرِيدُونَ: أَنَّهُ لَا يَطْمَئِنُّ وَلَا يَقِفُ.
قَالَ رَجُلٌ فِي الْحَجَّاجِ بْنِ٢ يُوسُفَ:
كَأَنَّ فُؤَادِي بَيْنَ أَظْفَارِ طَائِرٍ ... مِنَ الْخَوْفِ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مُحَلِّقِ
حِذَارَ امْرِئٍ قَدْ كُنْتُ أَعْلَمُ أَنَّهُ ... مَتَى مَا يعد من نَفسه الشَّرّ يصدق
١ انْظُر: ابْن ماجة ٢/ ١٢٨٨، وَأَبُو دَاوُد ٤/ ٤١٧، وَالتِّرْمِذِيّ ٣/ ٢٤٩ وَصَححهُ، والدرر برقم ٢٣٥، والفوائد للشوكاني ٢١٦، وصحيح الْجَامِع ٣/ ١٨٥ برقم ٣٥٢٩، والدرامي: ٢/ ١٢٦، والمستدرك ٤/ ٣٩٠-٣٩١، والمقاصد ٢٣٠، والتمييز٨٣، والكشف ١/ ٤٢٩.
٢ الْحجَّاج بن يُوسُف بن الحكم الثَّقَفِيّ ولد سنة ٤٠هـ، وَنَشَأ فِي الطَّائِف، قَلّدهُ عبد الْملك أَمر عسكره وَكَانَ واليًا لَهُ على بَغْدَاد وقمع عددا من الثورات وَكَانَ داهية خَطِيبًا سفاكًا، توفّي ٩٥هـ.