يشقه لِيَكُونَ آيَةً لِلْعَالَمِينَ، وَحُجَّةً لِلْمُرْسَلِينَ، وَمَزْجَرَةً لِلْعِبَادِ، وَبُرْهَانًا فِي جَمِيعِ الْبِلَادِ.
فَكَيْفَ لَمْ تَعْرِفْ بِذَلِكَ الْعَامَّةُ، وَلَمْ يُؤَرِّخِ النَّاسُ بِذَلِكَ الْعَامِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ شَاعِرٌ، وَلَمْ يُسْلِمْ عِنْدَهُ كَافِرٌ، وَلَمْ يَحْتَجُّ بِهِ مُسْلِمٌ عَلَى مُلْحِدٍ؟
قَالَ: ثُمَّ جَحَدَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى سُورَتَيْنِ: فَهَبْهُ لَمْ يشهدْ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِمَا، فَهَلَّا اسْتَدَلَّ بِعَجِيبِ تَأْلِيفِهِمَا، وَأَنَّهُمَا عَلَى نَظْمِ سَائِرِ الْقُرْآنِ الْمُعْجِزِ لِلْبُلَغَاءِ أَنْ يَنْظِمُوا نَظْمَهُ، وَأَنْ يُحْسِنُوا مِثْلَ تَأْلِيفِهِ.
قَالَ النظام: وَمَا زَالَ يطبِّق فِي الرُّكُوعِ إِلَى أَنْ مَاتَ، كَأَنَّهُ لَمْ يُصَلِّ مَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَوْ كَانَ غَائِبًا.
وَشَتَمَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ:
وَشَتَمَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ١ بِأَقْبَحِ الشَّتْمِ، لَمَّا اخْتَارَ الْمُسْلِمُونَ قِرَاءَتَهُ لِأَنَّهَا آخِرُ الْعَرْضِ.
وَعَابَ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ:
وَعَابَ عُثْمَان رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حِينَ بَلَغَهُ أَنه صلى بـ "منى" أَرْبَعًا٢، ثُمَّ تَقَدَّمَ، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ صَلَّى أَرْبَعًا فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِك، فَقَالَ:
١ زيد بن ثَابت بن الضَّحَّاك الْأنْصَارِيّ، كَاتب الْوَحْي وَأحد نجباء الْأَنْصَار، شهد بيعَة الرضْوَان وَقَرَأَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم، وَجمع الْقُرْآن فِي عهد الصّديق توفّي سنة ٤٥هـ.
٢ انْظُر صَحِيح مُسلم رقم ٦٩٥ مُحَمَّد بدير-.
فقد أخرج أَحْمد فِي مُسْنده: جـ٥ ص١٦٥ الحَدِيث بِالنَّصِّ التَّالِي: "كُنَّا قد حملنَا لأبي ذَر شَيْئا نُرِيد أَن نُعْطِيه إِيَّاه فأتينا الربذَة فسألنا عَنهُ فَلم نجده. قيل: اسْتَأْذن فِي الْحَج فَأذن لَهُ، فأتيناه بالبلدة وَهِي مني، فَبينا نَحن عِنْده إِذْ قيل لَهُ: إِن عُثْمَان صلى أَرْبعا فَاشْتَدَّ ذَلِك على أبي ذَر، وَقَالَ قولا شَدِيدا، وَقَالَ: صليت مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم فصلى رَكْعَتَيْنِ، وَصليت مَعَ أبي بكر وَعمر، ثمَّ قَامَ أَبُو ذَر فصلى أَرْبعا، فَقيل لَهُ عبت على أَمِير الْمُؤمنِينَ شَيْئا ثمَّ صَنعته، قَالَ: الْخلاف أَشد.. إِلَخ" فالاستدلال بِهِ من الْمُؤلف على النظام فِي غير مَوْضِعه. وَالله أعلم.