يَصُومُ شَهْرَ رَمَضَانَ، لِأَنَّهُ -فِيمَا ذُكِرَ- لَا يَقْدِرُ عَلَى الصَّوْمِ.
وَكَانَ يَقُولُ: لَا يَسْتَحِقُّ أَحَدٌ مِنْ أَحَدٍ شُكْرًا عَلَى شَيْءٍ فَعَلَهُ بِهِ، أَوْ خَيْرٍ أَسْدَاهُ إِلَيْهِ.
لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو أَنْ يَكُونَ فَعَلَ ذَلِكَ طَلَبًا لِلثَّوَابِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنَّمَا١ إِلَى نَفْسِهِ قَصَدَ.
أَوْ يَكُونَ فَعَلَهُ لِلْمُكَافَأَةِ، فَإِنَّهُ إِلَى الرِّبْحِ ذَهَبَ.
أَوْ يَكُونَ فَعَلَهُ لِلذِّكْرِ وَالثَّنَاءِ، فَفِي حَظِّهِ سَعَى، وَفِي حَبْلِهِ حَطَبَ٢.
أَوْ فَعَلَهُ رَحْمَةً لَهُ، ورقة وضعت فِي قلبهب، فَإِنَّمَا سكن بِتِلْكَ الْعَطِيَّة علته وَدَاوَى بِهَا مِنْ دَائِهِ.
وَهَذَا خِلَافُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا يَشْكُرُ اللَّهَ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ" ٣.
وَذَكَرَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِ الْكَلَامِ عَنْهُ أَنَّهُ أَوْصَى عِنْدَ وَفَاتِهِ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "الثُّلُثُ وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ" ٤.
وَأَنَا أَقُولُ: إِنَّ ثُلُثَ الثُّلُثِ كَثِيرٌ، وَالْمَسَاكِينَ حُقُوقُهُمْ فِي بَيْتِ الْمَالِ إِنْ طَلَبُوهُ طَلَبَ الرِّجَالِ أَخَذُوهُ، وَإِنْ قَعَدُوا عَنْهُ سقعود النِّسَاءِ حُرِمُوهُ، فَلَا رَحِمَ اللَّهُ من يرحمهم.
١ وَفِي نُسْخَة: فَإلَى.
٢ فِي حبله حطب: كِنَايَة عَن سَعْيه لمصلحته ومنفعته الشخصية، وَقد ورد فِي الْقَامُوس. حطب فِي حبلهم: لضرهم.
٣ أخرجه أَبُو دَاوُد: أدب ١١، وَالتِّرْمِذِيّ: بر ٣٥، وَأحمد: ٣/ ٢٥٨ و٢٩٥ و٣٠٣ و٤٦١ و٤٩٣ و٣/ ٣٢ و٧٤، وَالنَّظَر صَحِيح الْجَامِع للألباني رقم٧٧١٩، وسلسلة الصَّحِيحَيْنِ ٤١٦ عَن أبي هُرَيْرَة مَرْفُوعا.
٤ أخرجه البُخَارِيّ: جنائز ٢٣٦ وَصَايَا ٢ و٣ ومناقب الْأَنْصَار ٤٩، ونفقات ١ وَمرض ١٣ و١٦ ودعوات ٤٣ وفرائض ٦ وَمُسلم: وَصِيَّة ٥ و٧ و٨ و١٠ وَأَبُو دَاوُد: فَرَائض ٣ وأيمان ٢٣، وَالتِّرْمِذِيّ: جنائز ٦ ووصايا ١، وَالنَّسَائِيّ: وَصَايَا ٣، وَابْن ماجة: وَصَايَاهُ، والموطأ: وَصِيَّة ٤.