Warning: Undefined array key "HTTP_ACCEPT_LANGUAGE" in /home/rezaervani/maktabah/maktabah/lang/cekbahasa.php on line 3
Al Ibaanah Al Kubro Halaman 1436 | Maktabah Reza Ervani
Loading...

Maktabah Reza Ervani



Warning: Undefined array key "HTTP_ACCEPT_LANGUAGE" in /home/rezaervani/maktabah/maktabah/lang/cekbahasa.php on line 3


Judul Kitab : Al Ibaanah Al Kubro- Detail Buku
Halaman Ke : 1436
Jumlah yang dimuat : 3279

١٢٨٢ - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ الْكُوفِيُّ , قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ الْإِسْكَافَ , يَقُولُ: سَمِعْتُ يَحْيَى بْنَ مُعَاذٍ الرَّازِيَّ , يَقُولُ: مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَفْرَحَ بِاللَّهِ وَيَتَمَتَّعَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ فَلَا يَسْأَلَنَّ عَنْ سِرِّ اللَّهِ يَعْنِي الْقَدَرَ قَالَ الشَّيْخُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: قَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ الْأَحَادِيثُ فِي الْإِمْسَاكِ عَنِ الْكَلَامِ فِي الْقَدَرِ وَالنَّظَرِ فِيهِ , وَمَعَ هَذَا فَقَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ⦗٢٤٤⦘ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابِهِ وَعَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ التَّابِعِينَ وَفُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُمْ تَكَلَّمُوا فِيهِ , وَفَسَّرُوا آيَاتٍ مِنَ الْقُرْآنِ يَدُلُّ ظَاهِرُهَا وَتَفْسِيرُهَا عَلَى الْعِلْمِ بِالْقَدَرِ , وَقَدْ رَأَيْنَا جَمَاعَةً مِنَ الْعُلَمَاءِ أَلَّفُوا فِيهِ كُتُبًا وَصَنَّفُوهُ أَبْوَابًا. وَرَوَوْا أَيْضًا بِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَعَلَّمُوا مِنَ الْقَدَرِ مَا لَا تَضِلُّونَ» , وَهَذَا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ: «إِذَا ذُكِرَ الْقَدَرُ فَأَمْسِكُوا» , فَإِنِّي أَرْجِعُ إِلَيْهِ بِجَوَابِ مَا سَأَلَ عَنْهُ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ أَقُولَ لَهُ: اعْلَمْ رَحِمَكَ اللَّهُ أَنَّ كِلَا الْوَجْهَيْنِ صَحِيحَانِ , وَكِلَا الْأَمْرَيْنِ وَاجِبُ الْقَبُولِ لَهُمَا وَالْعَمَلِ بِهِمَا , وَذَلِكَ أَنَّ الْقَدَرَ عَلَى وَجْهَيْنِ , وَأَمْرُ النُّجُومِ عَلَى وَجْهَيْنِ , وَأَمْرُ الصَّحَابَةِ عَلَى وَجْهَيْنِ: فَأَمَّا أَمْرُ النُّجُومِ: فَأَحَدُهُمَا وَاجِبٌ عِلْمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ , فَأَمَّا مَا يَجِبُ عِلْمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ فَهُوَ أَنْ يَتَعَلَّمَ مِنَ النُّجُومِ مَا يَهْتَدِي بِهِ فِي ظُلُمَاتِ الْبِرِّ وَالْبَحْرِ , وَيَعْرِفُ بِهِ الْقِبْلَةَ وَالصَّلَاةَ وَالطُّرُقَاتِ , فَبِهَذَا الْعِلْمِ مِنَ النُّجُومِ نَطَقَ الْكِتَابُ وَمَضَتِ السُّنَّةُ. وَأَمَّا مَا لَا يَجُوزُ النَّظَرُ فِيهِ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ , وَيَجِبُ عَلَيْنَا الْإِمْسَاكُ عَنْهُ مِنْ عِلْمِ النُّجُومِ فَهُوَ أَنْ لَا يَحْكُمَ لِلنُّجُومِ بِفِعْلٍ , وَلَا يَقْضِيَ لَهَا بِحُدُوثِ أَمْرِهِ كَمَا يَدَّعِي الْجَاهِلُونَ مِنْ عِلْمِ الْغُيُوبِ بِعِلْمِ النُّجُومِ , وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. وَكَذَلِكَ أَمْرُ الصَّحَابَةِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ , فَأَمْرُهُمْ عَلَى وَجْهَيْنِ: ⦗٢٤٥⦘ أَحَدُهُمَا: فُرِضَ عَلَيْنَا عِلْمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ. وَالْآخَرُ: وَاجِبٌ عَلَيْنَا الْإِمْسَاكُ عَنْهُ وَتَرْكُ الْمَسْأَلَةِ وَالْبَحْثِ وَالتَّنْقِيرِ عَنْهُ: فَأَمَّا الْوَاجِبُ عَلَيْنَا عِلْمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ فَهُوَ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي كِتَابِهِ مِنْ وَصْفِهِمْ , وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ عَظِيمِ أَقْدَارِهِمْ , وَعُلُوِّ شَرَفِهِمْ , وَمَحَلِّ رُتَبِهِمْ , وَمَا أَمَرَنَا بِهِ مِنَ الِاتِّبَاعِ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ مَعَ الِاسْتِغْفَارِ لَهُمْ , وَعِلْمُ مَا جَاءَتْ بِهِ السُّنَّةُ مِنْ فَضَائِلِهِمْ وَمَنَاقِبِهِمْ , وَعِلْمُ مَا يَجِبُ عَلَيْنَا حُبُّهُمْ لِأَجْلِهِ مِنْ فَضْلِهِمْ وَعِلْمِهِمْ , وَنَشْرُ ذَلِكَ عَنْهُمْ , لِتَنْحَاشَ الْقُلُوبُ إِلَى طَاعَتِهِمْ , وَتَتَأَلَّفُ عَلَى مَحَبَّتِهِمْ , فَهَذَا كُلُّهُ وَاجِبٌ عَلَيْنَا عِلْمُهُ وَالْعَمَلُ بِهِ , وَمِنْ كَمَالِ دِينِنَا طَلَبُهُ. وَأَمَّا مَا يَجِبُ عَلَيْنَا تَرْكُهُ , وَفُرِضَ عَلَيْنَا الْإِمْسَاكُ عَنْهُ , وَحَرَامٌ عَلَيْنَا الْفَحْصُ وَالتَّنْقِيرُ عَنْهُ هُوَ النَّظَرُ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ , وَالْخُلُقُ الَّذِي كَانَ جَرَى مِنْهُمْ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مُشْتَبَهٌ , وَنُرْجِئُ الشُّبُهَةَ إِلَى اللَّهِ , وَلَا نَمِيلُ مَعَ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ , وَلَا نَظْلِمُ أَحَدًا مِنْهُمْ , وَلَا نُخْرِجُ أَحَدًا مِنْهُمْ مِنَ الْإِيمَانِ , وَلَا نَجْعَلُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ حُجَّةً فِي سَبِّ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ , وَلَا نَسُبُّ أَحَدًا مِنْهُمْ لِسَبِّهِ صَاحِبَهُ , وَلَا نَقْتَدِي بِأَحَدٍ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ جَرَى مِنْهُ عَلَى صَاحِبِهِ , وَنَشْهَدُ أَنَّهُمْ كُلُّهُمْ عَلَى هُدًى وَتُقًى وَخَالِصِ إِيمَانٍ , لَأَنَّا عَلَى يَقِينٍ مِنْ نَصِّ التَّنْزِيلِ وَقَوْلِ الرَّسُولِ , أَنَّهُمْ أَفْضَلُ الْخَلْقِ وَخَيْرُهُ بَعْدَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَلَأَنَّ أَحَدًا مِمَّنْ أَتَى بَعْدَهُمْ وَلَوْ جَاءَ بِأَعْمَالِ الثَّقَلَيْنِ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ , وَلَوْ لَقِيَ اللَّهَ تَعَالَى وَلَا ذَنْبَ لَهُ وَلَا خَطِيئَةَ عَلَيْهِ لَمَا بَلَغَ ذَلِكَ أَصْغَرَ صَغِيرَةٍ مِنْ حَسَنَاتِ أَدْنَاهُمْ , وَمَا فِيهِمْ دَنِيٌّ , وَلَا شَيْءَ ⦗٢٤٦⦘ مِنْ حَسَنَاتِهِمْ صَغِيرٌ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ. وَأَمَّا الْقَدَرُ فَعَلَى وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: فُرِضَ عَلَيْنَا عِلْمُهُ وَمَعْرِفَتُهُ , وَالْإِيمَانُ بِهِ وَالتَّصْدِيقُ بِجَمِيعِهِ. وَالْآخَرُ: فَحَرَامٌ عَلَيْنَا التَّفَكُّرُ فِيهِ وَالْمَسْأَلَةُ عَنْهُ , وَالْمُنَاظَرَةُ عَلَيْهِ , وَالْكَلَامُ لِأَهْلِهِ , وَالْخُصُومَةُ بِهِ. فَأَمَّا الْوَاجِبُ عَلَيْنَا عِلْمُهُ وَالتَّصْدِيقُ بِهِ وَالْإِقْرَارُ بِجَمِيعِهِ أَنْ نَعْلَمَ أَنَّ الْخَيْرَ وَالشَّرَّ مِنَ اللَّهِ , وَأَنَّ الطَّاعَةَ وَالْمَعْصِيَةَ بِقَضَاءِ اللَّهِ وَقَدَرِهِ , وَأَنَّ مَا أَصَابَنَا لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئُنَا وَمَا أَخْطَأْنَا لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبُنَا , وَأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ الْجَنَّةَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا , عَلِمَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ وَأَسْمَاءِ آبَائِهِمْ , وَوَفَّقَهُمْ لِأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ رَضِيَهَا أَمَرَهُمْ بِهَا , فَوَفَّقَهُمْ لَهَا , وَأَعَانَهُمْ عَلَيْهَا , وَشَكَرَهُمْ بِهَا , وَأَثَابَهُمُ الْجَنَّةَ عَلَيْهَا تَفَضُّلًا مِنْهُ وَرَحْمَةً , وَخَلَقَ النَّارَ وَخَلَقَ لَهَا أَهْلًا , أَحْصَاهُمْ عَدَدًا , وَعَلِمَ مَا يَكُونُ مِنْهُمْ , وَقَدَّرَ عَلَيْهِمْ مَا كَرِهَهُ لَهُمْ , خَذَلَهُمْ بِهَا وَعَذَّبَهُمْ لِأَجْلِهَا غَيْرَ ظَالِمٍ لَهُمْ وَلَا هُمْ مَعْذُورُونَ فِيمَا حَكَمَ عَلَيْهِمْ بِهِ , فَكُلُّ هَذَا وَأَشْبَاهُهُ مِنْ عِلْمِ الْقَدَرِ الَّذِي لَزِمَ الْخَلْقَ عِلْمُهُ وَالْإِيمَانُ بِهِ وَالتَّسْلِيمُ لِأَمْرِ اللَّهِ وَحُكْمِهِ وَقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ , فَلَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ. وَسَيَأْتِي مِنْ عِلْمِ الْقَدَرِ وَمَا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ عِلْمُهُ وَالْمَعْرِفَةُ بِهِ وَمَا لَا يَسَعَهُمْ جَهْلُهُ مَشْرُوحًا مُفَصَّلًا فِي أَبْوَابِهِ عَلَى مَا جَاءَ بِهِ نَصُّ التَّنْزِيلِ وَمَضَتْ بِهِ سُنَّةُ الرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبِاللَّهِ نَسْتَعِينُ , وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَكِيلُ , وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ. ⦗٢٤٧⦘ وَأَمَّا الْوَجْهُ الْآخَرُ مِنْ عِلْمِ الْقَدَرِ الَّذِي لَا يَحِلُّ النَّظَرُ فِيهِ وَلَا الْفِكْرُ بِهِ , وَحَرَامٌ عَلَى الْخَلْقِ الْقَوْلُ فِيهِ كَيْفَ وَلِمَ وَمَا السَّبَبُ مِمَّا هُوَ سِرُّ اللَّهِ الْمَخْزُونُ وَعِلْمُهُ الْمَكْتُومُ الَّذِي لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ مَلَكًا مُقَرَّبًا وَلَا نَبِيًّا مُرْسَلًا , وَحَجَبَ الْعُقُولَ عَنْ تَخَيُّلِ كُنْهِ عِلْمِهِ , وَالنَّاظِرُ فِيهِ كَالنَّاظِرِ فِي عَيْنِ الشَّمْسِ , كُلَّمَا ازْدَادَ فِيهِ نَظَرًا ازْدَادَ فِيهِ تَحَيُّرًا , وَمِنَ الْعِلْمِ بِكَيْفِيَّتِهَا بُعْدًا , فَهُوَ التَّفَكُّرُ فِي الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ كَيْفَ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا , ثُمَّ يَقِيسُ فِعْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِفِعْلِ عِبَادِهِ , فَمَا رَآهُ مِنْ فِعْلِ الْعِبَادِ جَوْرًا يَظُنُّ أَنَّ مَا كَانَ مِنْ فِعْلِ مِثْلِهِ جَوْرٌ , فَيَنْفِي ذَلِكَ الْفِعْلَ عَنِ اللَّهِ , فَيَصِيرُ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِمَّا أَنْ يَعْتَرِفَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِقَضَائِهِ وَقَدَرِهِ وَيَرَى أَنَّهُ جَوْرٌ مِنْ فِعْلِهِ , وَإِمَّا أَنْ يَرَى أَنَّهُ مِمَّنْ يُنَزِّهُ اللَّهَ عَنِ الْجَوْرِ , فَيَنْفِي عَنْهُ قَضَاءَهُ وَقَدَرَهُ , فَيَجْعَلُ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً كَثِيرَةً يَحُولُونَ بَيْنَ اللَّهِ وَبَيْنَ مَشِيئَتِهِ , فَبِالْفِكْرِ فِي هَذَا وَشِبْهِهِ وَالتَّفَكُّرِ فِيهِ وَالْبَحْثِ وَالتَّنْقِيرِ عَنْهُ هَلَكَتِ الْقَدَرِيَّةُ حَتَّى صَارُوا زَنَادِقَةً وَمُلْحِدَةً وَمَجُوسًا , حَيْثُ قَاسُوا فِعْلَ الرَّبِّ بِأَفْعَالِ الْعِبَادِ وَشَبَّهُوا اللَّهَ بِخَلْقِهِ وَلَمْ يَعُوا عَنْهُ مَا خَاطَبَهُمْ بِهِ , حَيْثُ يَقُولُ {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} الأنبياء: ٢٣. فَمِمَّا لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِيهِ وَلَا يَسْأَلَ عَنْهُ , وَلَا يَقُولَ فِيهِ لِمَ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَفَكَّرَ , لِمَ خَلَقَ اللَّهُ إِبْلِيسَ وَهُوَ قَدْ عَلِمَ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُ أَنَّهُ سَيَعْصِيهِ , وَأَنْ سَيَكُونُ عَدُوًّا لَهُ وَلِأَوْلِيَائِهِ؟ وَلَوْ كَانَ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْمَخْلُوقِينَ إِذَا عَلِمَ أَحَدُهُمْ أَنَّهُ إِذَا اشْتَرَى عَبْدًا يَكُونُ عَدُوًّا لَهُ وَلِأَوْلِيَائِهِ , وَمُضَادًا لَهُ فِي مَحَابِّهِ , وَعَاصِيًا لَهُ فِي أَمْرِهِ , وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ لَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُ وَأَحِبَّاؤُهُ: إِنَّ هَذَا خَطَأٌ وَضَعْفُ رَأْيٍ وَفَسَادُ نِظَامِ الْحِكْمَةِ , فَمَنْ تَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ وَظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يُصِبْ فِي فِعْلِهِ حَيْثُ خَلَقَ إِبْلِيسَ فَقَدْ كَفَرَ , وَمَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَعْلَمْ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ إِبْلِيسَ أَنَّهُ يَخْلُقُ إِبْلِيسَ عَدُوًّا ⦗٢٤٨⦘ لَهُ وَلِأَوْلِيَائِهِ فَقَدْ كَفَرَ , وَمَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَخْلُقْ إِبْلِيسَ أَصْلًا فَقَدْ كَفَرَ. وَهَذَا قَوْلُ الزَّنَادِقَةِ الْمُلْحِدَةِ , فَالَّذِي يَلْزَمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ هَذَا أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ إِبْلِيسَ وَقَدْ عَلِمَ مِنْهُ جَمِيعَ أَفْعَالِهِ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُ , وَيَعْلَمُوا أَنَّ فِعْلَ اللَّهِ ذَلِكَ عَدْلٌ صَوَابٌ , وَفِي جَمِيعِ أَفْعَالِهِ لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ. وَمِمَّا يَجِبُ عَلَى الْعِبَادِ عِلْمُهُ وَحَرَامٌ عَلَيْهِمْ أَنْ يَتَفَكَّرُوا فِيهِ وَيُعَارِضُوهُ بِآرَائِهِمْ وَيَقِيسُوهُ بِعُقُولِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ , لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَفَكَّرَ لِمَ جَعَلَ اللَّهُ لِإِبْلِيسَ سُلْطَانًا عَلَى عِبَادِهِ وَهُوَ عَدُوُّهُ وَعَدُّوهُمْ مُخَالِفٌ لَهُ فِي دِينِهِ , ثُمَّ جَعَلَ لَهُ الْخُلْدَ وَالْبَقَاءَ فِي الدُّنْيَا إِلَى النَّفْخَةِ الْأُولَى , وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ لَا يَجْعَلَ لَهُ ذَلِكَ , لَوْ شَاءَ أَنْ يُهْلِكَهُ مِنْ سَاعَتِهِ لَفَعَلَ , وَلَوْ كَانَ هَذَا مِنْ فِعْلِ الْعِبَادِ لَكَانَ خَطَأً , وَكَانَ يَجِبُ فِي أَحْكَامِ الْعَدْلِ مِنَ الْعِبَادِ أَنْ إِذَا كَانَ لِأَحَدِهِمْ عَبْدٌ وَهُوَ عَدُوٌّ لَهُ وَلِأَحِبَّائِهِ وَمُخَالِفٌ لِدِينِهِ وَمُضَادٌّ لَهُ فِي مَحَبَّتِهِ أَنْ يُهْلِكَهُ مِنْ سَاعَتِهِ , وَإِذَا عَلِمَ أَنَّهُ يُضِلُّ عَبِيدَهُ وَيُفْسِدُهُمْ , فَفِي حُكْمِ الْعَقْلِ وَالْعَدْلِ مِنَ الْعِبَادَاتِ أَنْ لَا يُسَلِّطَهُ عَلَى شَيْءٍ مِنَ الْأَشْيَاءِ , وَلَا يَجْعَلَ لَهُ سُلْطَانًا وَلَا مَقْدِرَةً , وَلَوْ سَلَّطَهُ عَلَيْهِمْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ عِنْدَ الْبَاقِينَ مِنْ عِبَادِهِ ظُلْمًا وَجَوْرًا حَيْثُ سَلَّطَ عَلَيْهِمْ مَنْ يُفْسِدُهُمْ عَلَيْهِ وَيُضَادُّهُ فِيهِمْ وَهُوَ عَالِمٌ بِذَلِكَ مِنْ فِعْلِهِ , وَقَادِرٌ عَلَى مَنْعِهِ وَهَلَكَتِهِ , فَمِمَّنْ تَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ فَظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَعْدِلْ حِينَ جَعَلَ لِإِبْلِيسَ الْخُلْدَ وَالْبَقَاءَ وَسَلَّطَهُ عَلَى بَنِي آدَمَ فَقَدْ كَفَرَ , وَمَنْ زَعَمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يُهْلِكَ إِبْلِيسَ مِنْ سَاعَتِهِ حِينَ أَغْوَى عِبَادَهُ فَقَدْ كَفَرَ , وَهَذَا مِنَ الْبَابِ الَّذِي يَرُدُّ عِلْمُهُ إِلَى اللَّهِ وَلَا يُقَالُ فِيهِ لِمَ وَلَا كَيْفَ {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} الأنبياء: ٢٣. وَمِنْ ذَلِكَ نَوْعٌ آخَرُ: أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ جَعَلَ لِإِبْلِيسَ وَذُرِّيَّتِهِ أَنْ يَأْتُوا بَنِي آدَمَ فِي جَمِيعِ أَطْرَافِ الْأَرْضِ , يَأْتُونَهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُمْ لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} الأعراف: ٢٧ وَجَعَلَهُمْ يَجْرُونَ مِنْ بَنِي آدَمَ مَجْرَى ⦗٢٤٩⦘ الدَّمِ وَلَمْ يَجْعَلِ لِلرُّسُلِ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنَ السُّلْطَانِ مِثْلَ مَا جَعَلَ لَهُمْ , وَلَوْ كَانَ هَذَا فِي أَحْكَامِ الْعِبَادِ لَكَانَ مِنَ الْعَدْلِ بَيْنَهُمْ أَنْ يَكُونَ مَعَ إِبْلِيسَ وَذُرِّيَّتِهِ عَلَامَةٌ كَعَلَامَةِ السُّلْطَانِ , أَوْ يَكُونَ عَلَيْهِمْ أَجْرَاسٌ يَعْرِفُونَهُمْ بِهَا , وَيَسْمَعُونَ حِسَّهُمْ فَيَأْخُذُونَ حِذْرَهُمْ مِنْهُمْ , حَتَّى إِذَا جَاءُوا مِنْ بَعِيدٍ عَلِمَ الْعِبَادُ أَنَّهُمْ هُمُ الَّذِينَ يَضِلُّونَ النَّاسَ , فَيَأْخُذُونَ حِذْرَهُمْ , أَوْ يَجْعَلَ لِلرُّسُلِ أَنْ يُزَيِّنُوا وَيُوَصِّلُوا إِلَى صُدُورِ النَّاسِ مِنْ طَاعَةِ اللَّهِ كَمَا يُوَسْوِسُ الشَّيْطَانُ ذُرِّيَّتَهُ وَيُزَيِّنُوا لَهُمُ الْمَعْصِيَةَ , فَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ عِنْدَ عَبِيدِهِ الْبَاقِينَ ظُلْمًا وَجَوْرًا لِأَنَّ الْعِبَادَ لَا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ فَيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ مِنْ إِبْلِيسَ , وَالرُّسُلُ لَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُزَيِّنُوا فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ طَاعَةَ اللَّهِ وَمَعْرِفَتَهُ كَمَا يُزَيِّنُ الشَّيْطَانُ فِي قُلُوبِ الْعِبَادِ مَعْصِيَتَهُ بِالْوَسْوَسَةِ , فَمَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَجْعَلْ لِإِبْلِيسَ وَذُرِّيَّتَهُ سُلْطَانًا أَنْ يَأْتُوا عَلَى جَمِيعِ بَنِي آدَمَ مِنْ حَيْثُ لَا يَرَوْنَهُمْ وَيُوَسْوِسُ فِي صُدُورِهِمُ الْمَعَاصِيَ فَقَدْ كَفَرَ , وَمَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يَعْدِلْ حَيْثُ جَعَلَ لِإِبْلِيسَ وَذُرِّيَّتِهِ هَذَا السُّلْطَانَ عَلَى بَنِي آدَمَ فَقَدْ كَفَرَ , وَهَذَا أَيْضًا مِنَ الْبَابِ الَّذِي يَرُدُّ عِلْمُهُ مَعَ الْإِيمَانِ بِهِ وَالتَّسْلِيمِ فِيهِ إِلَيْهِ {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} الأنبياء: ٢٣. وَمِنْ ذَلِكَ أَيْضًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَفَكَّرَ لِمَ سَلَّطَ اللَّهُ الْكُفَّارَ عَلَى الرُّسُلِ فِي الدُّنْيَا , وَسَلَّطَ الْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَتَّى قَتَلُوهُمْ وَعَذَّبُوهُمْ وَقَتَلُوا الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ , وَإِنَّمَا سَلَّطَ اللَّهُ أَعْدَاءَهُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ لِيُكْرِمَ أَوْلِيَاءَهُ فِي الْآخِرَةِ بِهَوَانِ أَعْدَائِهِ , وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَمْنَعَ الْكَافِرِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَيُهْلِكَ الْكُفَّارَ مِنْ سَاعَتِهِ , وَلَوْ كَانَ هَذَا مِنْ أَفْعَالِ بَعْضِ مُلُوكِ الْعِبَادِ كَانَ جَوْرًا عِنْدَ أَهْلِ مَمْلَكَتِهِ حَيْثُ سَلَّطَ أَعْدَاءهُ عَلَى أَنْصَارِهِ وَأَوْلِيَائِهِ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى هَلَكَتِهِمْ مِنْ ⦗٢٥٠⦘ وَقْتِهِمْ , فَمَنْ تَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ فَظَنَّ أَنَّ هَذَا جَوْرٌ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ حَيْثُ سَلَّطَ الْكُفَّارَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ فَقَدْ كَفَرَ , وَمَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ لَمْ يُسَلِّطْهُمْ وَإِنَّمَا الْكُفَّارُ قَتَلُوا أَنْبِيَاءَ اللَّهِ وَأَوْلِيَاءَهُ بِقُوَّتِهِمْ وَاسْتِطَاعَتِهِمْ , وَأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَنْصُرَ أَنْبِيَاءَهُ وَأَوْلِيَاءَهُ حَتَّى غَلَبُوهُ وَحَالُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَنْ أَحَبَّ نَصْرَهُ وَتَمْكِينَهُ فَمَنْ ظَنَّ هَذَا فَقَدْ كَفَرَ {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} الأنبياء: ٢٣ , لَا يُشْبِهُ عَدْلُهُ عَدْلَ الْمَخْلُوقِينَ , كَمَا أَنَّ شَيْئًا مِنَ الْخَلْقِ لَا يُشْبِهُهُ. وَخَصْلَةٌ أُخْرَى أَنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَفَكَّرَ لِمَ مَكَّنَ اللَّهُ لِأَعْدَائِهِ فِي الْبِلَادِ , وَأَعَانَهُمْ بِقُوَّةِ الْأَبْدَانِ وَرَشَاقَةِ الْأَجْسَامِ , وَأَيَّدَهُمْ بِالسِّلَاحِ وَالدَّوَابِّ , ثُمَّ أَمَرَ أَنْبِيَاءَهُ وَأَوْلِيَاءَهُ أَنْ يُعِدُّوا لَهُمُ السِّلَاحَ وَالْقُوَّةَ , وَأَنْ يُحَارِبُوهُمْ وَيُقَاتِلُوهُمْ , وَوَعَدَهُمْ أَنْ يَمُدَّهُمْ بِالْمَلَائِكَةِ , ثُمَّ قَالَ هُوَ لِنَفْسِهِ: إِنِّي مَعَكُمْ عَلَى قِتَالِ عَدُوِّكُمْ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُهْلِكَ أَعْدَاءَهُ مِنْ وَقْتِهِ بِأَيِّ أَنْوَاعِ الْهَلَاكِ شَاءَ مِنْ غَيْرِ حَرْبٍ وَلَا قِتَالٍ , وَبِغَيْرِ أَنْصَارٍ وَلَا سِلَاحٍ , فَلَوْ كَانَ هَذَا مِنْ أَفْعَالِ الْعِبَادِ وَأَحْكَامِهِمْ لَكَانَ جَوْرًا وَفَسَادًا أَنْ يُقَوِّيَ أَعْدَاءَهُ عَلَى أَوْلِيَائِهِ , وَيَمُدَّهُمْ بِالْعُدَّةِ , وَيُؤَيِّدَهُمْ بِالْخَيْلِ وَالسِّلَاحِ وَالْقُوَّةِ , ثُمَّ يَنْدُبُ أَوْلِيَاءَهُ لِمُحَارَبَتِهِمْ , فَمَنْ قَالَ: إِنَّ الْعُدَّةَ وَالْقُوَّةَ وَالسِّلَاحَ الَّذِي فِي أَعْدَاءِ اللَّهِ لَيْسَ هُوَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ بِهِمْ وَعَطِيَّةِ اللَّهِ لَهُمْ فَقَدْ كَفَرَ , وَمَنْ قَالَ: إِنَّ ذَلِكَ مِنْ فِعْلِ اللَّهِ بِهِمْ وَعَطِيَّتِهِ لَهُمْ وَهُوَ جَوْرٌ مِنْ فِعْلِهِ فَقَدْ كَفَرَ , وَمَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَعْطَاهُمْ وَقَوَّاهُمْ وَلَمْ يَقْدِرْ أَنْ يَسْلِبَهُمْ إِيَّاهُ وَيُهْلِكَهُمْ مِنْ سَاعَتِهِ فَقَدْ كَفَرَ , وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ وَالتَّسْلِيمُ لَهُ، وَأَنَّ اللَّهَ خَلَقَ أَعْدَاءَهُ وَقَوَّاهُمْ وَسَلَّطَهُمْ , وَلَوْ شَاءَ أَنْ يُهْلِكَهُمْ لَفَعَلَ , وَاللَّهُ أَعْدَلُ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} الأنبياء: ٢٣. وَمِمَّا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَفَكَّرَ فِيهِ , لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُضْمِرَ فِي نَفْسِهِ ⦗٢٥١⦘ فَيَقُولُ: لِمَ خَلَقَ اللَّهُ الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَالْهَوَامَّ وَالسِّبَاعَ الَّتِي تَضُرُّ بَنِي آدَمَ وَلَا تَنْفَعُهُمْ وَسَلَّطَهَا عَلَى بَنِي آدَمَ وَلَوْ شَاءَ أَنْ لَا يَخْلُقَهَا مَا خَلَقَهَا , وَلَوْ كَانَ هَذَا مِنْ فِعْلِ مُلُوكِ الْعِبَادِ لَقَالَ أَهْلُ مَمْلَكَتِهِ: هَذَا غِشٌّ لَنَا وَمَضَرَّةٌ عَلَيْنَا بِغَيْرِ حَقٍّ حَيْثُ جَعَلَ مَعَنَا مَا يَضُرُّ بِنَا وَلَا نَنْتَفِعُ نَحْنُ وَلَا هُوَ بِهِ , فَمَنْ تَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ فَظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَعْدِلْ حَيْثُ خَلَقَ الْحَيَّاتِ وَالْعَقَارِبَ وَالسِّبَاعَ وَكُلَّمَا يُؤْذِي بَنِي آدَمَ وَلَا يَنْفَعُهُمْ فَقَدْ كَفَرَ , وَمَنْ قَالَ: إِنَّ لِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ خَالِقًا غَيْرُ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ , وَهَذَا قَوْلُ الزَّنَادِقَةِ وَالْمَجُوسِ وَطَائِفَةٍ مِنَ الْقَدَرِيَّةِ , فَهَذَا مِمَّا يَجِبُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ الْإِيمَانُ بِهِ , وَأَنْ يَعْلَمَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ كُلَّهَا وَعَلِمَ أَنَّهَا تَضُرُّ بِعِبَادِهِ وَتُؤْذِيهِمْ وَهُوَ عَدْلٌ مِنْ فِعْلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَا خَلَقَ {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} الأنبياء: ٢٣. وَخَصْلَةٌ أُخْرَى لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَتَفَكَّرَ وَيُضْمِرَ فِي نَفْسِهِ , لِمَ تَرَكَ اللَّهُ الْعِبَادَ حَتَّى يَجْحَدُوهُ وَيُشْرِكُوا بِهِ وَيَعْصُوهُ , ثُمَّ يُعَذِّبَهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى هِدَايَتِهِمْ , وَهُوَ قَادِرٌ أَنْ يَمْنَعَ قُلُوبَهُمْ أَنْ تَدْخُلَهَا شَهْوَةُ شَيْءٍ مِنْ مَعْصِيَتِهِ , أَوْ مَحَبَّةُ شَيْءٍ مِنْ مُخَالَفَتِهِ , وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يُبَغِّضَ إِلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ مَعْصِيَتَهُ وَمُخَالَفَتِهِ، وَقَادِرٌ عَلَى أَنْ يُهْلِكَ مَنْ هَمَّ بِمَعْصِيَتِهِ مَعَ هِمَّتِهِ، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يَجْعَلَهُمْ كُلَّهُمْ عَلَى أَفْضَلِ عَمَلِ عَبْدٍ مِنْ أَوْلِيَائِهِ , فَلِمَ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ؟ فَمَنْ تَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ فَظَنَّ أَنَّ اللَّهَ لَمْ يَعْدِلْ حَيْثُ لَمْ يَمْنَعِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَنْ يُشْرِكُوا بِهِ , وَلَمْ يَمْنَعِ الْقُلُوبَ أَنْ يَدْخُلَهَا حُبُّ شَيْءٍ مِنْ مَعْصِيَتِهِ وَلَمْ يَهْدِ الْعِبَادَ كُلَّهُمْ فَقَدْ كَفَرَ , وَمَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ أَرَادَ هِدَايَةَ الْخَلْقِ وَطَاعَتَهُمْ لَهُ وَأَرَادَ أَنْ لَا يَعْصِيَهُ أَحَدٌ وَلَا يَكْفُرَ أَحَدٌ فَلَمْ يَقْدِرْ فَقَدْ كَفَرَ , وَمَنْ قَالَ: إِنَّ اللَّهَ قَدَرَ عَلَى هِدَايَةِ ⦗٢٥٢⦘ الْخَلْقِ وَعِصْمَتِهِمْ مِنْ مَعْصِيَتِهِ وَمُخَالَفَتِهِ فَلَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ وَهُوَ جَوْرٌ مِنْ فِعْلِهِ فَقَدْ كَفَرَ , وَهَذَا مِمَّا يَجِبُ الْإِيمَانُ بِهِ وَالتَّسْلِيمُ لَهُ , وَتَرْكُ الْخَوْضِ فِيهِ وَالْمَسْأَلَةِ عَنْهُ , وَهُوَ أَنْ يَعْلَمَ الْعَبْدُ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ الْكُفَّارَ وَأَمَرَهُمْ بِالْإِيمَانِ وَحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْإِيمَانِ , وَخَلَقَ الْعُصَاةَ وَأَمَرَهُمْ بِالطَّاعَةِ وَجَعَلَ حُبَّ الْمَعَاصِي فِي قُلُوبِهِمْ , فَعَصَوْهُ بِنِعْمَتِهِ , وَخَالَفُوهُ بِمَا أَعْطَاهُمْ مِنْ قُوَّتِهِ , وَحَالَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا أَمَرَهُمْ بِهِ , وَهُوَ يُعَذِّبَهُمْ عَلَى ذَلِكَ , وَهُمْ مَعَ ذَلِكَ مَلُومُونَ غَيْرُ مَعْذُورِينَ , وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَدْلٌ فِي فِعْلِهِ ذَلِكَ بِهِمْ , وَغَيْرُ ظَالِمٍ لَهُمْ , وَلِلَّهِ الْحُجَّةُ عَلَى النَّاسِ جَمِيعًا , لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ} الأنبياء: ٢٣. فَهَذَا مِنْ عِلْمِ الْقَدَرِ الَّذِي لَا يَحِلُّ الْبَحْثُ عَنْهُ وَلَا الْكَلَامُ فِيهِ , وَلَا التَّفَكُّرُ فِيهِ , وَبِكُلِّ ذَلِكَ مِمَّا قَدْ ذَكَرْتُهُ وَمَا أَنَا ذَاكِرُهُ نَزَلَ الْقُرْآنُ وَجَاءَتِ السُّنَّةُ وَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيدِ عَلَيْهِ , لَا يَرُدُّ ذَلِكَ وَلَا يُنْكِرُهُ إِلَّا قَدَرِيٌّ خَبِيثٌ مَشُومٌ قَدْ زَاغَ قَلْبُهُ وَأَلْحَدَ فِي دِينِ اللَّهِ وَكَفَرَ بِاللَّهِ، وَسَأَذْكُرُ الْآيَاتِ فِي ذَلِكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ الَّذِي لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حُمَيْدٍ


Beberapa bagian dari Terjemahan di-generate menggunakan Artificial Intelligence secara otomatis, dan belum melalui proses pengeditan

Untuk Teks dari Buku Berbahasa Indonesia atau Inggris, banyak bagian yang merupakan hasil OCR dan belum diedit


Belum ada terjemahan untuk halaman ini atau ada terjemahan yang kurang tepat ?