١٣٠٣ - حَدَّثَنَا أَبُو عَلِيٍّ إِسْمَاعِيلُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّفَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ خَلَفُ بْنُ مُحَمَّدٍ كَرْدُوسِيٌّ قَالَ: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا الزُّبَيْرُ بْنُ حَبِيبٍ , عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ , قَالَ: وَاللَّهِ مَا قَالَتِ الْقَدَرِيَّةُ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ , وَلَا كَمَا قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ , وَلَا كَمَا قَالَ النَّبِيُّونَ , وَلَا كَمَا قَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ , وَلَا كَمَا قَالَ أَهْلُ النَّارِ , وَلَا كَمَا قَالَ أَخُوهُمْ إِبْلِيسُ. قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ}. وَقَالَتِ الْمَلَائِكَةُ {سُبْحَانَكَ لَا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا} البقرة: ٣٢ الْآيَةَ. وَقَالَ شُعَيْبٌ عَلَيْهِ السَّلَامُ {وَمَا يَكُونُ لَنَا أَنْ نَعُودَ فِيهَا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّنَا} الأعراف: ٨٩ الْآيَةَ. وَقَالَ أَهْلُ الْجَنَّةِ {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ} الأعراف: ٤٣. ⦗٢٨٢⦘ وَقَالَ أَهْلُ النَّارِ {رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًا ضَالِّينَ} المؤمنون: ١٠٦. وَقَالَ أَخُوهُمْ إِبْلِيسُ {رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي} الحجر: ٣٩. قَالَ الشَّيْخُ: فَالْقَدَرِيَّةُ الْمَخْذُولَةُ يَسْمَعُونَ هَذَا وَأَضْعَافَهُ , وَيَتْلُونَهُ وَيُتْلَى عَلَيْهِمْ , فَتَأْبَى قُلُوبُهُمْ قَبُولَهُ , وَيَرُدُّونَهُ كُلَّهُ وَيَجْحَدُونَهُ بَغْيًا وَعُلُوًّا وَأَنَفَةً مِنَ الْحَقِّ , وَتَكَبُّرًا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَلَى كِتَابِهِ وَعَلَى رَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَلَى سُنَّتِهِ , وَلِلشِّقْوَةِ الْمَكْتُوبَةِ عَلَيْهِمْ , فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ إِلَّا مَا وَافَقَ أَهْوَاءَهُمْ , وَلَا يُصَدِّقُونَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَلَا مِنْ سُنَّةِ نَبِيِّهِ إِلَّا مَا اسْتَحْسَنَتْهُ آرَاؤُهُمْ , فَهُمْ كَمَا قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ {وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلًا مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ} الأنعام: ١١١ هُمْ كَمَا قَالَ عَزَّ وَجَلَّ {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لَا يَعْقِلُونَ} البقرة: ١٧١. وَهَكَذَا الْقَدَرِيُّ الْخَبِيثُ الَّذِي قَدْ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِ الشَّيَاطِينَ يَمُدُّونَهُمْ فِي الْغَيِّ ثُمَّ لَا يُقْصِرُونَ , تَزْجُرُهُ بِكِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى , فَلَا يَنْزَجِرُ وَسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ فَلَا يَذَّكَّرُ. ⦗٢٨٣⦘ وَبِقَوْلِ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَنْحَسِرُ، وَتَضْرِبُ لَهُ الْأَمْثَالَ فَلَا يَعْتَبِرُ , مُصِرٌّ عَلَى مَذْهَبِهِ الْخَبِيثِ النَّجِسِ الَّذِي خَالَفَ فِيهِ رَبَّ الْعَالَمِينَ وَالْمَلَائِكَةَ الْمُقَرَّبِينَ وَالْأَنْبِيَاءَ وَالْمُرْسَلِينَ وَالصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِينَ وَجَمِيعَ فُقَهَاءِ الْمُسْلِمِينَ , وَضَارَعَ فِيهِ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالصَّابِئِينَ , فَلَمْ يَجِدْ أَنِيسًا فِي طَرِيقَتِهِ وَلَا مُصَاحِبًا عَلَى مَذْهَبِهِ غَيْرَهُمْ , أَعَاذَنَا اللَّهُ وَإِيَّاكُمْ مِنْ مَذَاهِبِ الْقَدَرِيَّةِ وَالْأَهْوَاءِ الرَّدِيئَةِ وَالْبِدَعِ الْمُهْلِكَةِ الْمُرْدِيَةِ , وَجَعَلَنَا وَإِيَّاكُمْ لِلْحَقِّ مُصَدِّقِينَ , وَعَنِ الْبَاطِلِ حَائِدِينَ , وَثَبَّتَنَا وَإِيَّاكُمْ عَلَى الدِّينِ الَّذِي رَضِيَهُ لِنَفْسِهِ وَاخْتَصَّ بِهِ مَنْ أَحَبَّهُ مِنْ عِبَادِهِ , الَّذِينَ عَلِمُوا أَنَّ قُلُوبَهُمْ بِيَدِهِ، وَهِمَمَهُمْ وَحَرَكَاتِهِمْ فِي قَبْضَتِهِ , فَلَا يَهُمُّونَ وَلَا يَتَنَفَّسُونَ إِلَّا بِمَشِيئَتِهِ , فَهُمْ فُقَرَاءُ إِلَيْهِ فِي سَلَامَةِ مَا خَوَّلَهُمْ مِنْ نِعَمِهِ، يَدَعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً كَمَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ مَسْأَلَتِهِ. {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} آل عمران: ٨