٦٩٠ - وَحَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ , قَالَ: سَمِعْتُ حُسَيْنًا الزَّعْفَرَانِيَّ , يَقُولُ: سَمِعْتُ الشَّافِعِيَّ , يَحْلِفُ وَهُوَ يَقُولُ: ⦗٥٤٨⦘ «مَا نَاظَرْتُ أَحَدًا قَطُّ إِلَّا عَلَى النَّصِيحَةِ , وَمَا نَاظَرْتُ أَحَدًا مَا فَأَحْبَبْتُ أَنْ يُخْطِئَ , أَفَهَكَذَا أَنْتَ يَا أَخِي بِاللَّهِ عَلَيْكَ؟ إِنِ ادَّعَيْتَ ذَلِكَ , فَقَدْ زَعَمَتْ أَنَّكَ خَيِّرٌ مِنَ الْأَخْيَارِ , وَبَدَلٌ مِنَ الْأَبْدَالِ , وَالَّذِي يَظْهَرُ مِنْ أَهْلِ وَقْتِنَا أَنَّهُمْ يُنَاظِرُونَ مُغَالَبَةً لَا مُنَاظَرَةً , وَمُكَايَدةً لَا مُنَاصَحَةً , وَلَرُبَّمَا ظَهَرَ مِنْ أَفْعَالِهِمْ مَا قَدْ كَثُرَ وَانْتَشَرَ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْبُلْدَانِ , فَمِمَّا يَظْهَرُ مِنْ قَبِيحِ أَفْعَالِهِمْ وَمَا يَبْلُغُ بِهِمْ حُبَّ الْغَلَبَةِ , وَنُصْرَةَ الْخَطَأِ أَنْ تَحْمَرَّ وُجُوهُهُمْ , وَتَدُرَّ عُرُوقُهُمْ , وَتَنْتَفِخَ أَوْدَاجُهُمْ , وَيَسِيلُ لُعَابُهُمْ , وَيَزْحَفُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ , حَتَّى رُبَّمَا لَعَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا , وَرُبَّمَا بَزَقَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ , وَرُبَّمَا مَدَّ أَحَدُهُمْ يَدَهُ إِلَى لِحْيَةِ صَاحِبِهِ , وَلَقَدْ شَهِدْتُ حَلْقَةَ بَعْضِ الْمُتَصَدِّرِينَ فِي جَامِعِ الْمَنْصُورِ , فَتَنَاظَرَ أَهْلُ مَجْلِسِهِ بِحَضْرَتِهِ , فَأَخْرَجَهُمْ غَيْظُ الْمُنَاظَرَةِ , وَحِمْيَةُ الْمُخَالَفَةِ إِلَى أَنْ قَذَفَ بَعْضُهُمْ زَوْجَةَ صَاحِبِهِ وَوَالِدَتَهُ , فَحَسْبُكَ بِهَذِهِ الْحَالِ بَشَاعَةٌ وَشَنَاعَةٌ عَلَى سَفَهِ النَّاسِ وَجُهَّالِهِمْ , فَكَيْفَ بِمَنْ تَسَمَّى بِالْعِلْمِ , وَتَرَشَّحَ لِلْإِمَامَةِ وَالْفُتْيَا , وَلَقَدْ رَأَيْتُ الْمُنَاظِرِينَ فِي قَدِيمِ الزَّمَانِ وَحَدِيثِهِ , فَمَا رَأَيْتُ وَلَا حُدِّثْتُ , وَلَا بَلَغَنِي أَنَّ مُخْتَلِفَيْنِ تَنَاظَرَا فِي شَيْءٍ فَفَلَجَتْ حُجَّةُ أَحَدِهِمَا , وَظَهَرَ صَوَابُهُ , وَأَخْطَأَ الْآخَرُ , وَظَهَرَ خَطَأُهُ , فَرَجَعَ الْمُخْطِئُ عَنْ خَطَئِهِ , وَلَا صَبَا إِلَى صَوَابِ صَاحِبِهِ , وَلَا افْتَرَقَا إِلَّا عَلَى الِاخْتِلَافِ وَالْمُبَايَنَةِ , وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُتَمَسِّكٌ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ , وَلَرُبَّمَا عَلِمَ أَنَّهُ عَلَى الْخَطَأِ , فَاجْتَهَدَ فِي نُصْرَتِهِ , وَهَذِهِ أَخْلَاقٌ كُلُّهَا تُخَالِفُ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ , وَمَا كَانَ عَلَيْهِ السَّلَفُ الصَّالِحُ مِنْ عُلَمَاءِ الْأُمَّةِ»