٧٦٣ - حَدَّثَنِي أَبُو صَالِحٍ , قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو الْأَحْوَصِ , قَالَ: حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ دَاوُدَ , قَالَ: حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ , عَنْ سَيَّارِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ , قَالَ: قَالَ لِي بُكَيْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَشْجَعِ: " مَا فَعَلَ عَمُّكَ؟ قُلْتُ: لَزِمَ الْبَيْتَ مُنْذُ كَذَا وَكَذَا , فَقَالَ: أَمَا إِنَّ رِجَالًا مِنْ أَهْلِ بَدْرٍ لَزِمُوا بُيُوتَهُمْ بَعْدَ قَتْلِ عُثْمَانَ , فَلَمْ يَخْرُجُوا إِلَّا إِلَى قُبُورِهِمْ " قَالَ الشَّيْخُ: فَالْفِتَنُ عَلَى وُجُوهٍ كَثِيرَةٍ , وَضُرُوبٍ شَتَّى قَدْ مَضَى مِنْهَا فِي صَدْرِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِتَنٌ عَظِيمَةٌ , نَجَا مِنْهَا خَلْقٌ كَثِيرٌ عَصَمَهُمُ اللَّهُ فِيهَا بِالتَّقْوَى , وَجَمِيعُ الْفِتَنِ الْمُضِلَّةِ الْمُهْلِكَةِ الْمُضِرَّةِ بِالدِّينِ وَالدُّنْيَا فَقَدْ حَلَّتْ بِأَهْلِ عَصْرِنَا , وَاجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَعَ الْفِتَنِ الَّتِي هُمْ فِيهَا الَّتِي أَضْرَمُوا نَارَهَا , وَتَقَلَّدُوا عَارَهَا الْفِتَنُ الْمَاضِيَةُ وَالسَّابِقَةُ فِي الْقُرُونِ السَّالِفَةِ , فَقَدْ هَلَكَ أَكْثَرُ مَنْ تَرَى بِفِتَنٍ سَالِفَةٍ , وَفِتَنٍ آنِفَةٍ , اتَّبَعُوا فِيهَا الْهَوَى، آثَرُوا فِيهَا الدُّنْيَا , فَعَلَامَةُ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا , وَكَانَ مِمَّنْ سَبَقَتْ لَهُ مِنْ مَوْلَاهُ الْكَرِيمِ عِنَايَةٌ أَنْ يُفْتَحَ لَهُ بَابُ الدُّعَاءِ بِاللَّجَاءِ وَالِافْتِقَارِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالسَّلَامَةِ وَالنَّجَا , وَيُهَبُ لَهُ الصَّمْتُ إِلَّا بِمَا لِلَّهِ فِيهِ رِضًى وَلِدِينِهِ فِيهِ صَلَاحٌ , وَأَنْ يَكُونَ حَافِظًا لِلِسَانِهِ , عَارِفًا بِأَهْلِ زَمَانِهِ , مُقْبِلًا عَلَى شَأْنِهِ , قَدْ تَرَكَ الْخَوْضَ وَالْكَلَامَ فِيمَا لَا يَعْنِيهِ , وَالْمَسْأَلَةَ وَالْإِخْبَارَ بِمَا لَعَلَّهُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ هَلَاكُهُ , لَا يُحِبُّ إِلَّا لِلَّهِ , وَلَا يُبْغِضُ إِلَّا لِلَّهِ , فَإِنَّ هَذِهِ الْفِتَنَ وَالْأَهْوَاءَ قَدْ فَضَحَتْ خَلْقًا كَثِيرًا , وَكَشَفَتْ أَسْتَارَهُمْ عَنْ أَحْوَالٍ قَبِيحَةٍ , فَإِنَّ أَصْوَنَ النَّاسِ لِنَفْسِهِ أَحْفَظُهُمْ لِلِسَانِهِ , وَأَشْغَلُهُمْ بِدِينِهِ , وَأَتْرَكُهُمْ لِمَا لَا يَعْنِيهِ