عَبْدُ الرَّزَّاقِ
٤٧١ - قَالَ: أنا مَعْمَرٌ , عَنِ الزُّهْرِيِّ , فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعَصَيْتُمْ مِنْ بَعْدِ مَا أَرَاكُمْ مَا تُحِبُّونَ} آل عمران: ١٥٢ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ حِينَ غَزَا أَبَا سُفْيَانَ , وَكُفَّارَ قُرَيْشٍ: «إِنِّي رَأَيْتُ كَأَنِّيَ لَبِسْتُ دِرْعًا حَصِينَةً , فَأَوَّلْتُهَا الْمَدِينَةَ , فَاجْلِسُوا فِي حِصْنِكُمْ , وَقَاتِلُوا مِنْ وَرَائِهِ» وَكَانَتِ الْمَدِينَةُ قَدْ قُرِّشَتْ بِالْبُنْيَانِ , فَهِيَ كَالْحِصْنِ , فَقَالَ رَجُلٌ مِمَّنْ لَمْ يَشْهَدْ بَدْرًا: يَا رَسُولَ اللَّهِ «اخْرُجْ بِنَا إِلَيْهِمْ فَلْنُقَاتِلْهُمْ» وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيِّ بْنِ سَلُولَ: «نِعْمَ مَا رَأَيْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ , إِنَّا وَاللَّهِ مَا نَزَلَ بِنَا عَدُوٌّ قَطُّ فَخَرَجْنَا إِلَيْهِ إِلَّا أَصَابَ فِينَا , وَلَا ثَبَتْنَا فِي الْمَدِينَةِ وَقَاتَلْنَا مِنْ وَرَائِهَا إِلَّا هَزَمْنَا عَدُوَّنَا , فَكَلَّمَهُ نَاسٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ» ⦗٤١٧⦘ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، اخْرُجْ بِنَا إِلَيْهِمْ , فَدَعَا بِلَأْمَتِهِ فَلَبِسَهَا " ثُمَّ قَالَ: «مَا أَظُنُّ الصَّرْعَى إِلَّا سَتَكْثُرُ مِنْكُمْ وَمِنْهُمْ , إِنِّي أَرَى فِي النَّوْمِ بَقَرًا مَنْحُورَةً» فَأَقُولُ: «بَقَرٌ وَاللَّهِ خَيْرٌ» فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللَّهِ , بِأَبِي وَأُمِّي , فَاجْلِسْ بِنَا , قَالَ: «إِنَّهُ لَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أَنْ يَضَعَهَا حَتَّى يَلْقَى الْبَأْسَ» فَقَالَ: «فَهَلْ مِنْ رَجُلٍ يَدُلُّنَا بِالطَّرِيقِ , فَيُخْرِجَنَا عَلَى الْقَوْمِ مِنْ كَثَبٍ؟» فَانْطَلَقَتْ بِهِ الْأَدِلَّاءُ بَيْنَ يَدَيْهِ , حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشَّوْطِ مِنَ الْجَبَّانَةِ انْخَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُبَيٍّ ابْنُ سَلُولَ بِثُلُثِ الْجَيْشِ , أَوْ قَرِيبٍ مِنْ ثُلُثِ الْجَيْشِ , وَانْطَلَقَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى لَقِيَهُمْ بِأُحُدٍ , وَصَافُّوهُمْ , فَعَهِدَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ إِنْ هَزَمُوهُمْ أَلَّا يَدْخُلُوا لَهُمْ عَسْكَرًا , وَلَا يَتْبَعُوهُمْ , فَلَمَّا الْتَقَوْا هَزَمُوهُمْ , وَعَصَوُا النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَتَنَازَعُوا وَاخْتَلَفُوا , ثُمَّ صَرَفَهُمُ اللَّهُ لِيَبْتَلِيَهُمْ , كَمَا , قَالَ: وَأَقْبَلَ الْمُشْرِكُونَ وَعَلَى خَيْلِهِمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ , فَقُتِلَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ سَبْعُونَ رَجُلًا , وَأَصَابَتْهُمْ جِرَاحٌ شَدِيدَةٌ , وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَةُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَوُثِئَ بَعْضُ وَجْهِهِ , حَتَّى صَاحَ الشَّيْطَانُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: قُتِلَ مُحَمَّدٌ , قَالَ كَعْبُ بْنُ مَالِكٍ: فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ عَرَفَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , عَرَفْتُ عَيْنَيْهِ مِنْ تَحْتِ الْمِغْفَرِ , ⦗٤١٨⦘ فَنَادَيْتُ بِصَوْتِيَ الْأَعْلَى: هَذَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , فَأَشَارَ إِلَيَّ: «أَنِ اسْكُتْ , ثُمَّ كَفَّ اللَّهُ الْمُشْرِكِينَ» وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابُهُ وُقُوفٌ , فَنَادَى أَبُو سُفْيَانَ بَعْدَمَا مُثِّلَ بِبَعْضِ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَجُدِعُوا , وَمِنْهُمْ مَنْ بُقِرَ بَطْنُهُ , فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: «إِنَّكُمْ سَتَجِدُونَ فِي قَتْلَاكُمْ بَعْضَ الْمُثْلِ , وَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَنْ ذَوِي رَأْيِنَا , وَلَا سَادَاتِنَا» ثُمَّ قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: «اعْلُ هُبَلُ» فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: «اللَّهُ أَعْلَى وَأَجَلُّ» فَقَالَ أَبُو سُفْيَانَ: «أَنْعَمَتْ فَعَالِ عَنْهَا , قَتْلَى بِقَتْلَى بَدْرٍ» فَقَالَ عُمَرُ: «لَا يَسْتَوِي الْقَتْلُ , قَتْلَانَا فِي الْجَنَّةِ , وَقَتْلَاكُمْ فِي النَّارِ» قَالَ أَبُو سُفْيَانَ: " لَقَدْ خِبْنَا إِذًا , ثُمَّ انْصَرَفُوا رَاجِعِينَ , وَنَدَبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَصْحَابَهُ فِي طَلَبِهِمْ بَعْدَمَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ , فَطَلَبُوهُمْ حَتَّى بَلَغُوا قَرِيبًا مِنْ حَمْرَاءِ الْأَسَدِ , ثُمَّ رَجَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , قَالَ مَعْمَرٌ: وَقَالَ قَتَادَةَ: وَكَانَ فِيمَنْ طَلَبَهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ , وَذَلِكَ حِينَ يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ} آل عمران: ١٧٣