٩٥٣ - قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: حَدَّثَنِي رَجُلٌ , عَنْ عِكْرِمَةَ , قَالَ: جِئْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَوْمًا , وَإِذَا هُوَ يَبْكِي وَالْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ , فقَالَ: فَأَعْظَمْتُ أَنْ أَدْنُوَ مِنْهُ , قَالَ: ثُمَّ لَمْ أَزَلْ عَلَى ذَلِكَ حَتَّى تَقَدَّمْتُ فَجَلَسْتُ , فَقُلْتُ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عَبَّاسٍ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ؟ , قَالَ: «هَؤُلَاءِ الْوَرَقَاتُ» وَإِذَا هُوَ فِي سُورَةِ الْأَعْرَافِ , ثُمَّ قَالَ: «هَلْ تَعْرِفُ أَيْلَةَ؟» , قَالَ: قُلْتُ: نَعَمْ , فَإِنَّهُ كَانَ بِهَا حَيٌّ مِنْ يَهُودَ سِيقَتِ الْحِيتَانُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ السَّبْتِ , ثُمَّ غَاصَتْ فَلَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهَا حَتَّى يَغُوصُوا عَلَيْهَا بَعْدَ كَدٍّ , وَمَؤُنَةٍ شَدِيدَةٍ فَكَانَتْ تَأْتِيَهُمْ يَوْمَ السَّبْتِ شُرَّعًا بِيضًا سِمَانًا كَأَنَّهَا الْمَاخِضُ , فَتُبْطِحُ ظُهُورَهَا لِبُطُونِهَا بِأَفْنِيَتِهِمْ , وَبِأَبْوَابِهِمْ فَكَانُوا كَذَلِكَ بُرْهَةً مِنَ الدَّهْرِ , ثُمَّ إِنَّ الشَّيْطَانَ أَوْحَى إِلَيْهِمْ , فَقَالَ: إِنَّمَا نُهِيتُمْ عَنْ أَكْلِهَا يَوْمَ السَّبْتِ فَخُذُوهَا فِيهِ وَكُلُوهَا فِي غَيْرِهِ مِنَ الْأَيَّامِ , فَقَالَتْ ذَلِكَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ , وَقَالَتْ طَائِفَةٌ: بَلْ نُهِيتُمْ عَنْ أَكْلِهَا وَأَخْذِهَا وَصَيْدِهَا فِي يَوْمِ السَّبْتِ , فَكَانُوا كَذَلِكَ حَتَّى جَاءَتِ الْجُمُعَةُ الْمُقْبِلَةُ , فَغَدَتْ طَائِفَةٌ بِأَنْفُسِهَا , وَأَبْنَائِهَا , وَنِسَائِهَا , وَاعْتَزَلَتْ طَائِفَةٌ ذَاتَ الْيَمِينِ وَنَهَتْ , وَاعْتَزَلَتْ طَائِفَةٌ ذَاتَ الشِّمَالِ وَسَكَتَتْ , فَقَالَ: وَيْلَكُمُ اللَّهَ اللَّهَ نَنْهَاكُمْ عَنِ اللَّهِ أَلَّا تَتَعَرَّضُوا لِعُقُوبَةِ اللَّهِ , وَقَالَ الْأَيْسَرُونَ: {لِمَ تَعِظُونْ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا} الأعراف: ١٦٤ , فقَالَ الْأَيْمَنُونَ: {مَعْذَرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} الأعراف: ١٦٤ إِنْ يَنْتَهُوا فَهُوَ أَحَبُّ إِلَيْنَا أَنْ لَا يُصَابُوا وَلَا يُهْلَكُوا , وَإِنْ لَمْ يَنْتَهُوا فَمَعْذَرَةٌ إِلَى رَبِّكُمْ فَمَضَوْا عَلَى الْخَطِيئَةِ , ⦗٩٧⦘ فَقَالَ الْأَيْمَنُونَ: يَا أَعْدَاءَ اللَّهِ قَدْ فَعَلْتُمْ وَاللَّهِ لَتَأْتِيَنَّكُمُ اللَّيْلَةَ فِي مَدِينَتِكُمْ , وَاللَّهِ مَا نَرَى أَنْ تُصْبِحُوا حَتَّى يَعُمَّكُمُ اللَّهُ بِخَسْفٍ , أَوْ قَذْفٍ , أَوْ بَعْضِ مَا عِنْدَهُ مِنَ الْعَذَابِ , فَلَمَّا أَصْبَحُوا ضَرَبُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ , وَنَادَوْا فَلَمْ يُجَابُوا فَوَضَعُوا سُلَّمًا فَأَعْلَوْا بِسُوَرِ الْمَدِينَةِ رَجُلًا فَالْتَفَتَ إِلَيْهِمْ , فَقَالَ: أَيْ عِبَادَ اللَّهِ , قُرُودٌ وَاللَّهِ تُعَاوِي لَهَا أَذْنَابٌ , قَالَ: فَفَتَحُوا أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ فَدَخَلُوا عَلَيْهِمْ , فَعَرَفَتِ الْقُرُودُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْإِنْسِ , وَلَا تَعْرِفُ الْإِنْسُ أَنْسَابَهَا مِنَ الْقُرُودِ , فَجَعَلَتِ الْقُرُودُ تَأْتِي نَسِيبَهَا مِنَ الْإِنْسِ فَتَشُمُّ ثِيَابَهُ وَتَبْكِي , فَيَقُولُ: أَلَمْ أَنْهَكُمْ , عَنْ كَذَا وَعَنْ كَذَا؟ فَتَقُولُ بِرُءُوسِهَا: بَلَى , أَلَمْ نَنْهَكُمْ عَنْ كَذَا؟ فَتَقُولُ بِرُءُوسِهَا بَلَى " ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ {فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ , وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ} الأعراف: ١٦٥ أَلِيمٍ وَجِيعٍ " قَالَ: «فَأَرَى الَّذِينَ نَهَوْا نَجَوْا , وَلَا أَرَى الْآخَرِينَ ذُكِرُوا , وَنَحْنُ نَرَى أَشْيَاءَ فنُنْكِرُهَا فَلَا نَقُولُ فِيهَا شَيْئًا» قَالَ: قُلْتُ: أَيْ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ قَدْ كَرِهُوا مَا هُمْ عَلَيْهِ وَخَالَفُوهُمْ , وَقَالُوا: {لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ} الأعراف: ١٦٤ قَالَ: فَأَمَرَ لِي فَكُسِيتُ بُرْدَيْنِ غَلِيظَيْنِ