فقال: كيف يكون وجد فراق الحق عزَّ وجلَّ. وقد عمل بمفارقة مخلوق كل هذا، فشكى بثه وحزنه إلى الله تعالى لا إلى غيره.
قوله تعالى: قالَ كَبِيرُهُمْ ٨٠ أي في العقل لا في السن.
قوله تعالى: لاَ تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ ٨٧ قال سهل: أفضل الخدمة وأعلاها انتظار الفرج من الله تعالى، كما حكي عن ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلّم أنه قال: «انتظار الفرج بالصبر عبادة» «١» وانتظار الفرج على وجهين: أحدهما قريب، والآخر بعيد فالقريب في السر فيما بين العبد وربه، والبعيد في الخلق فينظر إلى البعيد فيحجب عن القريب.
سورة يوسف (١٢) : آية ١٠١
رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ (١٠١)
قوله تعالى: تَوَفَّنِي مُسْلِماً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ ١٠١ قال سهل: فيه ثلاثة أشياء، سؤال ضرورة وإظهار فقر واختيار فرض، ومعناه: أمتني وأنا مسلم إليك أمري، مفوض إليك شأني، لا يكون لي إلى نفسي رجوع بحال ولا تدبير بسبب من الأسباب.
سورة يوسف (١٢) : آية ١٠٦
وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ (١٠٦)
قوله تعالى: وَما يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ١٠٦ قال: يعني شرك النفس الأمارة بالسوء كما قال النبي صلى الله عليه وسلّم: «الشرك في أمتي أخفى من دبيب النمل على الصفا» «٢» ، هذا باطن الآية، وأما ظاهرها مشركو العرب يؤمنون بالله، كما قال: وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ الزخرف: ٨٧ وهم مع ذلك مشركون يؤمنون ببعض الرسل ولا يؤمنون ببعضهم.
سورة يوسف (١٢) : آية ١٠٨
قُلْ هذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحانَ اللَّهِ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (١٠٨)
قوله تعالى: أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلى بَصِيرَةٍ ١٠٨ أي أبلغ الرسالة ولا أملك الهداية، وإنما الهداية إليك. وقد سئل سهل عن قوله عليه السلام: «ولا ينفع ذا الجد منك الجد» «٣» ، فقال: أي من جد في الطلب، وكان منك المنع، لم ينفعه جده في الطلب. وقال: إن الخلق لم يكشف لهم سر، ولو كشف لهم لأبصروا، ولم يشاهدوا وإن شاهدوا تم الأمر، وهذا شيء عظيم. ثم قال: أهل لا إله إلا الله كثير، والمخلصون منهم قليل، والله سبحانه وتعالى أعلم.
(١) شعب الإيمان ٧/ ٢٠٤ ومسند الشهاب ١/ ٦٢ وفيض القدير ٣/ ٥٢، وفيه الشرح الآتي: (أي إذا حل بعبد بلاء، فترك الجزع والهلع، وصبر على مر القضاء، فذلك منه عبادة يثاب عليها، لما فيه من الانقياد للقضاء) .
(٢) المستدرك على الصحيحين ٢/ ٣١٩ ونوادر الأصول ٤/ ١٤٧ والترغيب والترهيب ٤/ ١٦، وسيعاد في تفسير سورة: المنافقون.
(٣) صحيح البخاري: صفة الصلاة رقم ٨٠٨ وصحيح مسلم: المساجد ومواضع الصلاة رقم ٥٩٣.