٥٥٣ - حدثنا أبو موسى محمد بن المثني، قال: حدثنا محمد بن عبد
⦗٤٣٥⦘
الله الأنصاري، قال: حدثنا محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبيه، وعن يحيي بن عبد الرحمن، عن علقمة بن وقاص، قال: قال المنافقون لعائشة ما قالوا من الإفك فقالت عائشة: خطب رسول الله مع الناس على المنبر، وذكر الذين قالوا فوالله ما شعرت به، فخرجت أنا وأم مسطح -وهما تريدان المذهب- فعثرت أم مسطح، فقالت: تعس
⦗٤٣٦⦘
مسطح، فقالت عائشة: غفر الله لك تقولين هذا لابنك، ولصاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: وما شعرت بما كان؟ قالت: وما كان؟ قالت: أشهد أنك من الغافلات المؤمنات، قالت: فذهب ما خرجت له، ورجعت فمررت على أبوي: أبي بكر، وأم رومان، فقلت: أما والله ما أحسنتما بي ولا اتقيتما لله في تحدث الناس بالذي تحدثوا، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي قال، ولم تشعراني له فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعذري، فقالت أمي: يا بنية، لا قل ما أحب رجل امرأته قط إلا قال الناس لها نحو الذي قالوا، وقال أبي: يا بنية ارجعي إلى بيتك حتى نأتيك فيه، فرجعت وأخذني صالب من حمى فجاء أبي، وأم رومان، فدخلا علي وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجلس على سرير وجاهي، فقال: أي بنية، إن کنت صنعت ما قال الناس شيئًا، فاستغفري الله، وتوبي إليه، وإن کنت بريئة مما قال الناس فأخبري رسول الله صلى الله عليه وسلم بعذرك، فالتمست اسم يعقوب فوالله ما أقدر عليه فقلت: ما أجد لي ولكم مثلا إلا كأبي يوسف:
⦗٤٣٧⦘
صبر جميل والله المستعان على ما تصفون وقد كان خطب الناس رسول الله من على المنبر فقال: كيف ترون فيمن يؤذيني في أهلي، ويجمع من يؤذيني في بيته؟ فقال سعد بن معاذ: أي رسول الله وإن كان منا معشر الأوس جلدنا رأسه، وإن كان من إخواننا الخزرج أمرتنا فأطعناك، وكان الذي تولى كبره الذي يجمعهم عبد الله بن أبي بن سلول، فقال سعد بن عبادة: أي سعد بن معاذ، والله ما نصرة رسول الله صلى الله عليه
وسلم أردت، ولكنها كانت ضغائن، وإحن في الجاهلية، لم تحلل لنا من صدور کم بعد، فقال سعد بن معاذ: الله أعلم ما أردت، فقام
⦗٤٣٨⦘
أسيد بن حضير فقال: أي ابن عبادة، إن سعد ليس لك بنديد، أنا نديدك، لا ولكن تجادل عن المنافقين، وتدفع عنهم، قال: فكثر اللغط في المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على المنبر، فأومأ إلى الناس بيده ها هنا، وها هنا، حتى هدأ الصوت، قالت عائشة: وشخص بصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السقف، وكان إذا نزل عليه وجد، وقال الله -تبارك وتعالى-: {إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا} قالت: فوالذي أكرمه، وأنزل عليه الكتاب مازال يضحك حتى إني لأنظر إلى نواجذه سرورًا، ثم مسح على وجهه فقال لعائشة: أبشري قد أنزل الله -جل ذكره- عذرك، قالت قلت: بحمد الله لا بحمدك وحمد أصحابك، وأنزل الله -جل ثناؤه-: {إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ وَالَّذِي تَوَلَّى كِبْرَهُ مِنْهُمْ لَهُ عَذَابٌ عَظِيمٌ لَوْلَا إِذْ سَمِعْتُمُوهُ ظَنَّ الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بِأَنْفُسِهِمْ خَيْرًا وَقَالُوا هَذَا إِفْكٌ مُبِينٌ لَوْلَا جَاءُوا عَلَيْهِ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَإِذْ لَمْ يَأْتُوا
⦗٤٣٩⦘
بِالشُّهَدَاءِ فَأُولَئِكَ عِنْدَ اللَّهِ هُمُ الْكَاذِبُونَ} {يَعِظُكُمُ اللَّهُ أَنْ تَعُودُوا لِمِثْلِهِ أَبَدًا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} فتلا هذه الآيات كلها حتى إذا بلغ خاتمها: {لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (١)} وكان أبو بكر آلى أن لا ينفع مسطحًا بنافعة أبدًا وكانت بينه وبينه رحم فأنزل الله تعالي ذكره: {وَلَا يَأْتَلِ (٢) أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} قال أبو بكر: بلى أي رب، فعاد له بخير ما يصنع إليه.
(١) في الأصل: {لهم أجر کريم} وليس من هذه السورة بل جاء هذا في سورة الحديد.
(٢) في الأصل: (ولا يأتلي).