وقال الحافظُ الذّهبيّ: ولم يذكره الحاكم في "تاريخه" نَسِيَهُ، ولا هو في "تاريخ بغداد"، ولا "تاريخ دمشق"، فإنّه ما دخلها (١) .
ومن الغريب عدمُ ذكر من ترجم له دخولَه بغداد أو غيرها من مدن العراق، وهي على طريق السّالك إلى مكّة المكرّمة. وربّما أنّ عدم إقامته في بغداد هي السّبب في عدم الإشارة إليه.
مكانتُه العلميّة وثناءُ العلماءِ عليه:
كان الإمام ابن المنذر- على نحو ما سيأتي- إماماً في التّفسير، ومحدّثاً ثقةً، إلى جانب كونه فقيهاً مجتهداً بلغ درجة الاجتهاد الطلق، وهو وإن كان معدوداً من فقهاء الشّافعيّة إلاّ أنّه كان لا يتعصّب لقول أَحدٍ، بل يدور مع الدّليل حيث كان (٢) .
وللعلماء كلام كثير في الثّناء على هذا الإمام الجليل:
فقد قال تلميذه الإمام أبو بكر الخلاّل الحنبليّ: حدّثنا الأكابرُ بخراسان منهم: محمّد بن المنذر (٣) .
وقال الإمام محيي الدِّين النّوويُّ: الإمام المشهور أحد أئمّة الإسلام. . . المجمع على إمامته وجلالته ووفور علمه، وجمعه بين التّمكّن في علمي الحديث والفقه، وله المصنّفات المهمّة النّافعة في الإجماع والخلاف وبيان مذاهب العلماء ... ، واعتماد علماء الطّوائف كلّها في نقل المذاهب
(١) السير ١٤ /٤٩١
(٢) تنظر مقدّمة تحقيق الإقناع.
(٣) طبقات الحنابلة ١/٣٨.