رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا مَا رَأَيْنَا مِثْلَ مَا صَبَرْنَا عَلَيْهِ مِنْ هَذَا الرَّجُلِ قَطُّ، سَفَّهَ أَحْلامَنَا وَشَتَمَ آبَاءَنَا وَعَابَ دِينَنَا وَفَرَّقَ جَمَاعَتَنَا وَسَبَّ آلِهَتَنَا لَقَدْ صَبَرْنَا مِنْهُ عَلَى أَمْرٍ عَظِيمٍ، أَوْ كَمَا قَالُوا فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ طَلَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَقْبَلَ يَمْشِي حَتَّى اسْتَسْلَمَ الرُّكْنَ ثُمَّ مَرَّ بِهِمْ طَائِفًا بِالْبَيْتِ فَلَمَّا مَرَّ بِهِمْ غَمَزُوهُ بِبَعْضِ الْقَوْلِ، قَالَ: فَعَرَفْتُ ذَلِكَ فِي وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ مَضَى طَائِفًا فَلَمَّا مَرَّ بِهِمُ الثَّانِيَةَ فَغَمَزُوهُ بِمِثْلِهَا فَوَقَفَ ثُمَّ قَالَ: أَتَسْمَعُونَ يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِالذَّبْحِ فَأَخَذَتِ الْقَوْمَ كَلِمَتُهُ حَتَّى مَا مِنْهُمْ مِنْ رَجُلٍ إِلا كَأَنَّمَا عَلَى رَأْسِهِ طَائِرٌ وَاقِعٌ وَحَتَّى إِنَّ أَشَدَّهُمُ فِيهِ وَضَاءَةً قَبْلَ ذَلِكَ لَيَرْفَأُهُ بِأَفْضَلِ مَا يَجِدُ مِنَ الْقَوْلِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيَقُولُ: انْصَرِفَ يَا أَبَا الْقَاسِمِ رَاشِدًا فو الله مَا كُنْتَ جَهُولا قَالَ:
فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كَانَ الْغَدُ، اجْتَمَعُوا فِي الْحِجْرِ وَأَنَا مَعَهُمْ فَقَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: ذَكَرْتُمُ الرَّجُلَ وَمَا بَلَغَ مِنْكُمْ وَمَا بَلَغَكُمْ مِنْهُ حَتَّى إِذَا بَدَأَكُمْ بِمَا تَكْرَهُونَ تَرَكْتُمُوهُ فَبَيْنَمَا هُمْ فِي ذَلِكَ طَلَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَوَثَبُوا إِلَيْهِ وَثْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ فَأَحَاطُوا بِهِ يَقُولُونَ لَهُ: أَنْتَ الَّذِي تَقُولُ كَذَا وَكَذَا، لِمَا كَانَ يَبْلُغُهُمْ مِنْ عَيْبِ آلِهَتِهِمْ وَدِينِهِمْ قَالَ: فَيَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: نَعَمْ أَنَا الَّذِي أَقُولُ ذَلِكَ، قَالَ: فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَجُلا أَخَذَ بِمَجْمَعِ رِدَائِهِ قَالَ: وَقَامَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ دُونَهُ يَقُولُ وَهُوَ يَبْكِي: وَيْلَكُمْ أَتَقْتُلُونَ رَجُلا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ ثم انصرفوا عنه فطن ذَلِكَ لأَشُدُّ مَا رَأَيْتُ قُرَيْشًا بَلَغَتْ مِنْهُ قَطُّ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ الآيَةُ.
١٥١٩٨ - حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الأَشَجُّ، ثنا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ مُسْلِمٍ، عَنِ الْحَسَنِ: وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ قَالَ: وَعِيدٌ.
قَوْلُهُ تَعَالَى: مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا
تَقَدَّمَ تَفْسِيرُهُ فِي هَذِهِ السُّورَةِ «١» .
قَوْلُهُ تَعَالَى: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ
١٥١٩٩ - حَدَّثَنَا أَبِي، ثنا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ الْحِمَّانِيُّ، ثنا يعقوب ابن عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ جَعْفَرٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَوْلُهُ: أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ قَالَ كَانَ الرَّجُلُ يَعْبُدُ الْحَجَرَ الأَبْيَضَ زَمَانًا مِنَ الدَّهْرِ فِي الْجَاهِلِيَّةِ، فَإِذَا وَجَدَ حَجَرًا أَحْسَنَ مِنْهُ يَعْبُدُ الآخَرَ وَيَتْرُكُ الأَوَّلَ- وَرُوِِىِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ نَحْوُ ذَلِكَ.
(١) . آية ١٧.