المسلمون تحبونهم -يعني: المنافقين- ولا يحبونكم على دينكم.
قال الشيخ - رحمه اللَّه -: وفي الآية بيان أن أُولَئِكَ قوم يحبهم المؤمنون، إمّا بظاهر الإيمان أو بظاهر الحال، منهم من طلب مودتهم، فأطلع اللَّه المؤمنين على سرهم؛ لئلا يغتروا بظاهرهم، وليكون حجة لهم ولرسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بما أطلعه اللَّه على ما أسروا، والله أعلم.
ومن قال: إن أوّل الآية في الكفار - يجعل قوله: (هَا أَنْتُمْ أُولَاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلَا يُحِبُّونَكُمْ) على الابتداء، والقطع من الأول؛ لأنه وصفهم بصفة المنافقين، ووسمهم بسمتهم وليس في الأول ذلك.
وقوله: (عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنَامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ)
هو على التمثيل، يقال عند شدة الغضب: فلان يعض أنامله على فلان، وذلك إذا بلغ الغضب غايته.
قال الشيخ - رحمه اللَّه - في قوله: (قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ): إنما كان يغيظهم ما كان للمسلمين من السعة، والنصر، والتكثر، والعز؛ فيكون في ذلك دعاء لهم بتمام ذلك، حتى لا يروا فيهم الغير، واللَّه أعلم.
وفي حرف حفصة: " قل موتوا بغيظكم لن تضرونا شيئًا إن اللَّه عليم بذات الصدور " على الوعيد.
وقوله: (إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ (١٢٠)
قال: ليس هذا وصف المنافقين في الظاهر؛ لأنهم كانوا يطمئنون عند الخيرات، لكنّه يحتمل أنهم كانوا يطمئنون بخيرات تكون لهم لا للمؤمنين: (وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا) ذكر في القصة أنهم إذا رأوا للمسلمين الظفر على عدوهم والغنيمة -يسوءهم ذلك، وإذا رأوا القتل والهزيمة عليهم- يفرحون به ويُسَرُّون.
وقيل؛ إذا رأوا للمؤمنين الخصب والسعة -ساءهم، وإذا رأوا لهم القحط والجدب وغلاء السعر- فرحوا به، لكن هذا يحتمل في كل خير رأوا لهم -اهتموا لذلك، وفي