يضعفون فيها، وهم يعملون للشيطان.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا تَحْزَنُوا) على ما فاتكم من إخوانكم الذين قتلوا.
ويحتمل: ما أصابكم من القروح؛ أي: تلك القروح والجراحات لا تمنعكم عن قتال العدو؛ ولكم الآخرة والشهادة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ).
قيل فيه بوجوه:
قيل: (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) في الآخرة.
وقيل: (الْأَعْلَوْنَ) المحقون بالحجج.
وقيل: (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ) في النصر؛ أي: ترجع عاقبة الأمر إليكم.
ويحتمل أن النصر لكم إن لم تضعفوا في الحرب، ولم تعصوا اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - ورسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.
ويحتمل: (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ):
لكم الشهادة إذا قتلتم؛ وأحياء عند اللَّه، وهم أموات.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ).
ليس على الشرط؛ ولكن على الخبر؛ كقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللَّهِ)، أي: إذ كن يؤمن باللَّه، وإن كنتم مؤمنين بالوعد والخبر.
* * *
قوله تعالى: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنْكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ (١٤٠) وَلِيُمَحِّصَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَمْحَقَ الْكَافِرِينَ (١٤١) أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جَاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (١٤٢)
وقوله: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ فَقَدْ مَسَّ الْقَوْمَ قَرْحٌ مِثْلُهُ).
اختلف فيه: قيل: (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ) في آخر الأمر؛ يعني في أُحد؛ فقد مسَّ المشركين قرح مثله يوم بدر، يذكر هذا - واللَّه أعلم - على التسكين؛ ليعلموا أنهم لم يخصوا بذلك.