وقوله - تعالى -: (وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ)، أي: ليظهر اللَّه للخلق ما في صدورهم مما مضى، وليجعله ظاهرًا لهم.
(وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ)
من الذنوب.
وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: " الابتلاء والتمحيص هما واحد ".
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ):
يقول: هو عالم بما في صدورهم من سرائرهم، ولكن يجعلها ظاهرًا عندكم.
ويحتمل الابتلاء -هاهنا- الأمر بالجهاد؛ ليعلموا المنافق منهم من المؤمن، والله أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ (١٥٥)
يعني: إن الذين انصرفوا عن عدوهم مدبرين منهم منهزمين يوم التقى الجمعان: جمع المؤمنين، وجمع المشركين.
وقوله: (إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا):
أي: إنما انهزموا ولم يثبتوا خوفًا أن يقتلوا بالئبات؛ فيلقوا اللَّه وعليهم عصيان رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، فكرهوا أن يقتلوا وعليهم معصية رسول اللَّه جمم؛ خوفًا من اللَّه - تعالى -.
(وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ)
وبما خافوا اللَّه بعصيانهم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.
ويحتمل قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا) - أن اللعين لما رآهم أجابوه إلى ما دعاهم من اشتغالهم بالغنيمة، وتركهم المركز، وعصيانهم رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - دعاهم إلى الهزيمة، فانهزموا وتولوا - عدوَّهم.
ويحتمل قوله: (بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا)، أي: بكسبهم، قال اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ)؛ فكذلك هذا، واللَّه أعلم.
(إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ).
قَبِلَ توبتكم، وعفا عنكم، (حَلِيمٌ) لم يخزكم وقت عصيانكم، ولا عاقبكم، أو حليم بتأخير العذاب عنكم.