وقيل: انقلبوا بنصر من اللَّه والغنيمة، ويحتمل: النعمة من اللَّه: الأمن من العدو؛ لأن المنافقين كانوا يخوفونهم بقولهم: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ)، ويحتمل: النعمة: الجنة، وفضلَ الزيادة على ذلك.
وقيل: انصرفوا بأجر من اللَّه وفضل، وهو ما تشوقوا به من الشوق:
(لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ)
ولا قتل، ولا هزيمة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ)
أي: اتبعوا العمل الذي به رضوان اللَّه، ورضاء رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.
وقيل: اتبعوا طاعته ورضاه.
ويحتمل قوله: (بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ): الزيادة في الإيمان، وهو الصلابة والقوة فيه.
وقوله: (لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ): مما كانوا يخوفونهم بقوله: (إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ).
ويحتمل قوله - تعالى -: (فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ)، أي: رجعوا بمُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (١٧٥)
يخوف أولياءه وأعداءه، لكن أعداءه لا يخافونه، وأولياؤه يخافونه؛ كقوله: (إِنَّمَا تُنْذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ): ومن لم يتبع، لكن من اتبع الذكر كان يقبل إنذاره، ومن لم يتبع الذكر لا؛ وإلا فإنه كان ينذر الفريقين جميعًا؛ فعلى ذلك الشيطان كان يخوف أولياءه وأعداءه جميعًا، لكن أعداءه لا يخافونه، وأولياءه يخافونه.
ويحتمل قوله: (يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ)، أي: بأوليائه، وجائز هذا في الكلام؛ كقوله: (وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ)، أي: بيوم الجمع؛ ألا ترى أنه قال: (وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ لِيُجَادِلُوكُمْ)؛ فعلى ذلك قوله: (يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ)، أي: بأوليائه، واللِّه أعلم.
وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: يخوفكم أولياءه، وهذا يؤيد تأويل من يتأول: يخوف بأوليائه، واللَّه أعلم.