حلائل الأبناء حكم نساء الآباء؟ قيل: لا يجوز أن يقاس المنصوصات بعضها على بعض، وإنما يقاس ما لا نص فيه على المنصوص؛ فعلى ذلك الأول، واللَّه أعلم.
ثم يجب أن ننظر أي حكمة أوجبت تحريم الجمع بين المحارم بين محارم الرجال ومحارم النساء؟
وروي عن أنس قال: إن أصحاب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - كانوا يكرهون الجمع بين القرائب في النكاح، وقالوا: لأنه يورث الضغائن، أو كلام نحو هذا؛ فقيل له: يا أبا حمزة، من منهم؟ فقال: أبو بكر وعمر وعثمان، رضي اللَّه عنهم.
وروي مرفوعًا أنه قال: لا ينكح كذا على كذا، ولا كذا على كذا، فإنهن يتقاطعن.
ونراه قال: " لَا تُنْكَحُ المَرأَةُ عَلَى عَمَّتِهَا، وَلَا عَلَى خَالَتِهَا ".
وروي في بعضها أنه يوجب القطيعة.
وروي عن ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه كره الجمع بين ابنتي عم، وقال: لا أحرم، ولكن أكره؛ لأنه يوجب القطيعة. فلم يحرم؛ لأن صلة القرابة فيما بينهما ليست بمفترضة، والصلة بين المحارم مفترضة، فإذا كانت مفترضة فالجمع بينهما يحمل على القطيعة؛ فحرم، وعلى ذلك في نساء الآباء وحلائل الأبناء إذا فارق واحد من هَؤُلَاءِ امرأته فلعله يندم على ذلك؛ فيريد العود إليها، فإذا تزوجها أبوه أو ابنه، أورث ذلك فيما بينهما الضغائن والقطيعة؛ لذلك حرم، واللَّه أعلم.
وكذلك هذا المعنى في الابنة، إذا طلقها ثم تزوج بأمها، حملها ذلك على الضغينة فيما بينهما.
وأمَّا إذا تزوج الأم، ثم فارقها قبل أن يدخل بها، حل له أن يتزوج بابنتها؛ لأن الأم تُؤْثر ابنتها على نفسها في المتعارف؛ فلا يحمل ذلك على القطيعة، والابنة لا تؤثر أمها على نفسها، بل تؤثر نفسها على أمها، كذلك كان ما ذكر.
وأمَّا إذا دخل بالأم لم يحل له أن ينكح بالابنة؛ لأنه يذكر استمتاع هذه في استمتاع