وعن عائشة - رضي اللَّه عنها - أنها إذا ذكر لها المتعة قالت: واللَّه ما نجد في كتاب الله النكاح والاستسرار، ثم تتلو هذه الآية: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ) الآية.
وعن عمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: متعتان كانتا على عهد رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - وأنا أنهي عنهما وأعاقب عليهما. فأنكر قوم على عمر - رضي اللَّه عنه - إقراره أنهما فعلا في عهد النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ونهيه عنهما.
لكن الجواب في ذلك كحكم أنه علم بنهي النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عن متعة النساء، وما نزل فيها من نص القرآن؛ فكان وعيده لاحقًا بمن فعلها لعلمه بأنها منسوخة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) يحتمل الإجارة.
ويحتمل التسريح بالنكاح أنه إذا كان بعد الاستمتاع يؤتيهن كل المهر؛ لأنه ذكر المهر في النكاح، والبعض بعد الطلاق، فبين الكل في هذا، وأيد هذا التأويل ما كان عليه ذكر المحرمات والإحلال أنه كله بالنكاح، وكذلك على ذلك قوله - تعالى -: (وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا)، أن كله في النكاح لا في الإجارة وإن ذكر فيه الأجر كما ذكر للإماء، ولو كان بالإجارة فهو منسوخ بقوله: (وَلَا تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ)، كان ذلك إجارة وصف أنه بغي، ونهوا عن ذلك.
وبقوله: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ)، ذكر أن مُبتَغي وراء ذلك باغٍ بهذا لو عرف بحكم الكتاب، فما ذكرته له ناسخ، ولو عرف بالإخبار، فكانت أخبار الإباحة رويت مقرونًا بها النهي، فمن رام الأخذ بطرف منها على الإغضاء عن الطرف الثاني أعطى خصمه الإغضاء عليه بالطرف الثاني والمنع عما قال به.
ثم امتناع الأمة عن العمل على ظهور الحاجة، ونفور الطباع عن قبول مثله من أحد في المتضدين؛ فاصبر على الحق.
ثم دل ما روي عن ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أنه قال: نسخه الطلاق والعدة - أن الأول كان نكاحها يمضي بمضي المدة أبطله ارتفاع أحكام النكاح عنه.