ونقمة، وترغب فيما يقربك إلى اللَّه في عاقبة.
وقد ذكرنا أن أم سلمة تمنت بعض ما يقوم به الرجال من العبادات: نحو الجهاد وأشكاله؛ فنزل النهي عن ذلك، والترغيب في فضله في نوع ما تحتمل هي من الخيرات، دون الذي يفضل عليهن بالرفع عنهن، واللَّه أعلم.
وفي قوله -أيضًا-: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ. . .) الآية - يحتمل أن يكون على ما خاطب رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بقوله - تعالى -: (وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ. . .)، الآية؛ فأخبر أن الذي أُعطي - لم يعط للكرامة؛ ولكن ليفتنهم به، والعقل يأبى الرغبة فيما يفتن به دون ما يكرم به، ثم بيَّن الذي هو أولى بالمشتهي من التمني، فقال: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا اكْتَسَبُوا) فرغب فيما له، وأمر بالسؤال من فضله؛ إذ لا يكون كسبه له إلا بفضله: كقوله - سبحانه وتعالى -: (وَلَا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا)، ثم قال اللَّه - عز وجل -: (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ مَا زَكَى مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ أَبَدًا)، فبين أن كسبه عليه إلا بفضل الله، وبين أن الأولى به الإقبال على ما له عاقبته، والتضرع إلى اللَّه - تعالى - بالإكرام دون الذي عليه في ذلك؛ خوف المقت، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ)
مِثْلَهُ؛ فإن فضله واسع، ولا يتمنى مال أخيه وداره.
أو اسألوا اللَّه - تعالى - العبادة، ولا تتمن ألا يكون لأخيك ذلك، ويكون لك، ثم أخبر أن ما يكون للرجال إنما يكون بالاكتساب، وما يكون للنساء يكون بالاكتساب، يكون لكل ما اكتسب من الأجر وغيره.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ (٣٣)
احتمل هذا - واللَّه أعلم - أن يكون معطوفًا، مردودًا إلى قوله - سبحانه وتعالى -: (لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ) الآية، ذكر - هاهنا - ما يرث الرجال والنساء من الوالدين والأقربين، ولم يذكر ما يرث الوالدان من الأولاد والأقربون بعضهم من بعض: من نحو العم، وابن العم، وغيرهم من القرابات؛ فذكر - هاهنا - ليعلم أن للمولى من الميراث مما ترك الوالدان والأقربون ما لأُولَئِكَ من الوالدين والأقربين إذا لم يكن أُولَئِكَ أن جعل لهَؤُلَاءِ ما جعل لأُولَئِكَ، ولم يذكر -أيضًا- ما للوالدين من