ثم اختلف في قتل الأنفس:
قَالَ بَعْضُهُمْ: هو أن يقتل كلٌّ نفسَهُ.
وقال آخرون: هو أن يأمر أن يقتل بعض بعضًا، وأما قتلُ كلٌّ نفسَهُ فإنه لا يحتمل لوجهين:
أحدهما: وذلك أنه عبادة شديدة مما لا يحتمل أحد؛ كقوله - تعالى -: (لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا)، أخبر أنه لا يكلف ما لا طاقة له.
والثاني: أن فيه قطع النسل وحصول الخلق للإفناء خاصة، وذلك مما لا حكمة في خلق الخلق للإفناء خاصة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ)، قيل: هو عبد اللَّه بن مسعود، وعمار، وفلان، وفلان - رضي اللَّه عنهم - ولا ندري أيصح أم لا؟ ولو كان قوله - تعالى -: (أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ) قتل بعض بعضا فذلك ما أمروا به بمجاهدة العدو، والإخراج من المنزل، والهجرة، ثم أخبر أنهم لا يفعلون ذلك إلا قليل منهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) يحتمل هذا وجهين: لو فعلوا ما يؤمرون به من الإسلام والطاعة لكان خيرًا لهم من ذلك.
ويحتمل: لو أنهم فعلوا ما يؤمرون به من القتل لو كتب عليهم، لكان خيرًا لهم في الآخرة، (وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا) قيل: حقيقة.
وقيل: تحقيقًا في الدنيا.
وقيل: ما يوعظون به من القرآن
(لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ) في دينهم
(وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا) يعني: تصديقًا بأمر اللَّه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذًا لَآتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (٦٧) يحتمل وجهين: