فعلى ذلك يمكن أن يكون المراد من قوله - تعالى -: (وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ): السلام، وجعل اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - السلام علمًا وشعارًا فيما بين المسلمين، وأمانًا يؤمن بعضهم بعضًا من شره؛ ألا ترى أن أهل الريبة لا يسلِّمون ولا يردون السلام، وإن كانوا لا يعرفون تفسيره ولا معناه؟! ولكن على الطبع جعل ذلك لهم.
والسلام: قيل: هو اسم من أسماء اللَّه - تعالى - فهو يحتمل وجوهًا:
يحتمل: سلام مسَلَّم طاهر عن الأشباه والأشكال، وسلام عدل منزه عن العيوب كلها، والجور والظلم.
وقوله: " رحمت اللَّه "، أي: برحمته ينجو مَنْ نجا، وسعد من سعد: " وبركاته ": به ينال كل خير، وهو اسم كل خير؛ ألا ترى أنه جعل التحليل من الصلاة بالسلام بقوله: " السلام عليكم ورحمة اللَّه "؛ على ما جعل تحريمها باسم اللَّه؛ فعلى ذلك جعل الافتتاح بما به جعل الختم.
ثم اختلف في قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا):
فقيل: حيوا بأحسن منها للمسلمين، أو ردوها على أهل الكتاب.
وعن أنس - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: نهينا أن نزيد على أهل الكتاب على: عليك، وعليكم.
وعن ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قال: السلام: اسم من أسماء اللَّه وصفاته في الأرض، فأفشوه بينكم؛ فإن الرجل إذا سلَّم كتبت له عشر حسنات، فإن هم ردوها عليه كتب لهم مثله.