فتركوا ذلك الكسر؛ لما وصفنا، ولأنه لم يكن في الدية في أصلها كسر، وهذا وجه محتمل؛ فأخذ أصحابنا - رحمهم اللَّه - بآخر التقديرين؛ لأن الأوزان استقرت على وزن سبعة، وبطل وزن ستة، ولا شك أن وزن سبعة هي الآخرة؛ لاستقرارها في الناس على ذلك، وباللَّه التوفيق.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) قد ذكرنا معنى التتابع في ذلك. وفي قوله - تعالى -: (فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ) عند الجميع من جميع من ذكر من القائلين في هذه الآية، ثم قوله - تعالى -: (تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ).
قال بعض أهل العلم: ندامة من اللَّه - تعالى - وقد يندم الرجل على أفعل يفعله، خطأ.
لكن عندنا على حقيقة التوبة؛ لأن الفعل فعلُ مأثم وإن كان خطأ، ولأنه يجوز أن يكلف الإنسان وينهى في حال الخطأ؛ لما لا يتأمل في ذلك ولا ينظر؛ لئلا يترك التأمل في ذلك والنظر؛ فتكون التوبة على الحقيقة؛ لما ذكرنا.
وفي قوله أيضًا: (تَوْبَةً مِنَ اللَّهِ) قد بينا الوجه في ذلك.
وقال بعض أهل التأويل: التوبة - في الحقيقة: هي الندامة على الأمر، وكل من يتولد من فعله قتل أحد؛ فهو يندم على ذلك الفعل الذي حدث منه الذي ذكر، ويحزن عليه؛ فيكون - على هذا التقدير - معنى التوبة من اللَّه: إلقاء ذلك الحزن في قلبه، أو رجوعه بالتأسف إلى اللَّه بالإعتاق والصيام، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا)
لمن قتله خطأ ولم يقصد، ومن قصده، أو (عَلِيما) بما حكم عليكم من الدية والكفارة، أو (عَلِيما) بآجالكم، (حَكيما) في قضائه وحكمه؛ حيث وضع كل شيء موضعه، واللَّه أعلم به.
وقوله - تعالى -: (وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا) يخرج ذلك عند ذكر هذه الآية، وهو كذلك بذاته على أوجه:
أحدها: أنه عليم بالذي عليه خرج حقيقة فعل ذلك القاتل من القصد وغير القصد، وهو حكيم بما حكم علينا الذي ذكر بظاهر أحوال القتيل، وإن لم يُعْرف حقيقة الأمر في ذلك؛