(وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ)، ونحو ذلك من الأماني، وذلك مما يمنيهم الشيطان، لعنة اللَّه عليه.
وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (وَلَأُضِلَّنَّهُمْ)، يعني: عن الدِّين، (وَلَأُمَنِّيَنَّهُمْ) أن يصيبوا خيرًا لا محالة؛ ليأمنوا.
وفي حرف ابن مسعود: " ولأعدنهم ولأمنينهم ولأحرمنَّ عليهم الأنعام ولآمرنهم فليبدلن خلقك ولآمرنهم فليبتكن ".
وقوله: (فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الْأَنْعَامِ)
فجعلوها نحرًا للأوثان والأصنام التي كانوا يعبدونها.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ)
يحتمل هذا وجهين، سوى ما قال أهل التأويل:
أحدهما: أن اللَّه - تعالى - خلق هذا الخلق؛ ليأمرهم بالتوحيد، وليجعلوا عبادتهم له، لا يعبدون دون اللَّه غيره؛ كقوله - تعالى -: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦) مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ. . .) الآية؛ فهو دعاهم أن يجعلوا عبادتهم لغير اللَّه، وهو ما قيل في قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فِطْرَتَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ)، قيل: لدين اللَّه؛ فعلى ذلك يحتمل قوله: (فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ)، أي: عن الذي كان خَفقُهُ إياهم لذلك، واللَّه أعلم.
والثاني: أنه - عَزَّ وَجَلَّ - خلق الأنعام والبهائم لمنافعهم، وسخرها لهم، فهم حرَّموها على أنفسهم، وجعلوها للأوثان والأصنام: كالبحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحام؛ منعوا منافعها التي خلقها لهم عن أنفسهم، وذلك تغيير ما خلق اللَّه لهم، واللَّه - تعالى - أعلم.
وأما أهل التأويل فإنهم قالوا غير الذي ذكرنا:
قَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ): الإخصاء، وهو قول ابن عَبَّاسٍ، رضي اللَّه عنه.
وقال آخرون: هو دين اللَّه.