باعتبار تعلقها بالمخلوق، كما أن الترزيق هو القدرة باعتبار تعلقها بإيصال الرزق.
والمتأمل للمسألة يرى أن الخلاف بين الفريقين راجع إلى المعنى لا إلى اللفظ، فعند الماتريدية مبدأ الإيجاد عندهم هو صفة التكوين، وعند الأشاعرة التكوين لا يعد صفة حقيقية لله تعالى زائدة على القدرة والإرادة، بل هو معنى يعقل من إضافة المؤثر إلى الأثر.
المسألة الرابعة: كلام اللَّه تعالى
إن هذه المسألة من المسائل المهمة في علم الكلام بصفة عامة، ولقد اشتدت أهميتها بعد الجدل الذي دار حول مسألة قدم القرآن وحدوثه، والمحن التي تعرض لها علماء كثيرون بسبب ذلك، وقبل عرض رأي كل من السادة الماتريدية والأشاعرة في هذه المسألة نبين أن ثمة قياسين يعارض كل منهما الآخر:
فالأول: هو أن كلام اللَّه -تعالى- صفة له، وكل ما هو صفة له فهو قديم، وبذلك يكون كلامه تعالى قديما.
وأما الثاني: فهو أن كلام اللَّه تعالى مؤلف من أجزاء مترتبة متعاقبة في الوجود، وكل ما من شأنه ذلك فهو حادث، ويكون بذلك كلام اللَّه تعالى حادثا.
ولقد اختلف المسلمون وافترقوا بين من قال بصحة القياس الأول، وبين من قال بصحة القياس الثاني، حيث نجد أن أهل السنة والحنابلة يقولون بصحة القياس الأول، بينما يقول المعتزلة ومعهم الكرامية بصحة القياس الثاني.
أما فيما يخص السادة الماتريدية والأشعرية في هذه المسألة فعلى النحو التالي:
الماتريدية
لقد ذهب الماتريدية إلى أن الكلام صفة لله تعالى؛ لأنه -سبحانه وتعالى- متكلم بكلام واحد، وهو صفته الأزلية القائمة بذاته، وهي صفة منافية للسكوت والآفة، واللَّه سبحانه وتعالى بهذه الصفة آمر، ناه، مخبر.
ويرى السادة الماتريدية كذلك أن حقيقة الكلام لا تسمع في الشاهد، وإنما تكون على الموافقة والمجاز، كما يقول المرء: سمعت كلام فلان وقول فلان، ويكون ذلك على