تعذيبنا؛ لقولهم: (نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ).
في الآخرة بالسلاسل إلى أعناقهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)
بالمغفرة والتعذيب؛ يغفر لمن يشاء، ويعذب من يشاء.
قال ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنه -: " قولهم: " يد اللَّه مغلولة ": لا يعنون بذلك أن يده موئقة مغلولة حقيقة اليد والغل؛ ولكن وصفوه بالبخل، وقالوا: أمسك ما عنده؛ بخلا منه، تعالى اللَّه عن ذلك.
وقال آخرون: إن اللَّه - تبارك وتعالى - قد كان بسط على اليهود الرزق؛ فكانت من أخصب الناس وأكثرهم خيرًا، فلما عصوا اللَّه في مُحَمَّد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -، وكفروا به، وبدلوا نعمة اللَّه كفرًا بالنعمة - كف اللَّه - تعالى - عنهم بعض الذي كان بسط عليهم من السعة في الرزق؛ فعند ذلك قالوا: (يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ)، لم يقولوا: يده مغلولة إلى عنقه، ولكن ممسكة عنهم الرزق، فلا يبسط كما كان يبسط؛ وهو كقوله: (وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ): نهى عن البخل في الإنفاق، لا أنه أراد حقيقة غل اليد إلى عنقه؛ فعلى ذلك قولهم: (يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ): كناية عن البخل ووصف به، لا حقيقة الغل، وباللَّه العصمة.
وتأويل قوله: (غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ) على هذا التأويل، أي: أيديهم هي الممسكة عن الإنفاق، وهم الموصوفون بالبخل والشح.
(بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ)، أي: نعمه مبسوطة: يوسع على من يشاء، ويقتر على من يشاء.
وفي حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: بل يداه يبسطان.
قال الفراء: يقال: وجه مبسوط، ووجه بسط.
ثم لا يحتمل أن يفهم من إضافة اليد إلى اللَّه ما يفهم من الخلق؛ لما وجد إضافة اليد إلى من لا يحتمل أن يكون له اليد، من ذلك قوله - تعالى -: (لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ): لا يفهم من القرآن اليد كما يفهم من الخلق؛ فعلى