فيركب ظهره؛ فذلك قوله - تعالى -: (وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزَارَهُمْ عَلَى ظُهُورِهِمْ أَلَا سَاءَ مَا يَزِرُونَ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ ... (٣٢)
يحتمل أن يكون هذا صلة قوله: (وَقَالُوا إِنْ هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ) قال: (وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ).
أي: الحياة الدنيا للدنيا خاصة؛ لأن العمل إذا لم يكن لعاقبة تتأمل فهو عبث، كبانٍ يبني بناء لا لعاقبة تتأمل وتقصد ببنائه فهو لعب، وعبث، فعلى ذلك الحياة الدنيا، لا لدار أخرى يتأمل ويرجى بها الثواب والعقاب فهذا ليس بحكمة، وإنما هو لعب ولهو؛ وعلى ذلك يخرج قوله - تعالى -: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا. . .) الآية، أخبر أن خلقه إياهم إذا لم يكن للرجوع إليه فهو عبث، فعلى ذلك الحياة الدنيا، إذا لم يكن هناك بعث ولا حياة بعد الموت للثواب والعقاب، فهي لعب ولهو.
واللهو: ما يقصد به قضاء الشهوة خاصة، لا يقصد به العاقبة، واللعب: هو الذي لا حقيقة له ولا مقصد.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ).
أي: الدار الآخرة خير للذين يتقون الشرك والفواحش كلها من الحياة الدنيا، وأصله: أن الحياة الدنيا على ما عند أُولَئِكَ الكفرة لعب ولهو؛ لأن عندهم أن لا بعث، ولا ثواب، ولا عقاب، فإذا كانت عندهم هكذا فتصير لعبًا ولهوًا؛ لأنه يحصل إنشاء لا عاقبة له، فيكون كبناء البناء الذي ذكرنا إذا كانت عاقبته غير مقصودة، فهو لا انتفاع به.
* * *
قوله تعالى: (قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لَا يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللَّهِ يَجْحَدُونَ (٣٣) وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ فَصَبَرُوا عَلَى مَا كُذِّبُوا وَأُوذُوا حَتَّى أَتَاهُمْ نَصْرُنَا وَلَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ وَلَقَدْ جَاءَكَ مِنْ نَبَإِ الْمُرْسَلِينَ (٣٤) وَإِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكَ إِعْرَاضُهُمْ فَإِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ