زلفى وترك العبادة لها يبعدهم، فقال: (وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ) وقد هداني، ولا أخاف مما تشركون به.
ويحتمل قوله: (وَقَدْ هَدَانِ) أما ذكرنا في قوله (أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ)، الدِّين والتوحيد وهداني طاعته والاتباع لأمره فقال: كيف أخاف وقد هداني.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا) هذا يحتمل وجهين.
الأول: يحتمل لا أخاف إلا إن عصيت ربي شيئًا، فعند ذلك أخاف، وأما إذا هداني ربي فإني لا أخاف بتركي عبادتهم.
والثاني: (إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي) إلا أن يبتليني ربي بشيء من المعصية، فعند ذلك أكون في مشيئته إن شاء عذبني، وإن شاء لم يعذبني.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا).
أي: علم ذلك كله عنده عصيت أو أطعت.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨١) عن ابن عَبَّاسٍ، (وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ) به من الأصنام (وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا) يقول: عذرًا في كتابه (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ) أي: أهل دينين أنا وأنتم (أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أني أعبد إلهًا واحدًا، وأنتم تعبدون آلهة شتى؟!
وقيل: إنهم كانوا يخوفونه بتركه عبادة آلهتهم وإشراكه إياها في عبادة اللَّه، فقال: وكيف أخاف ما أشركتم أنتم باللَّه من الآلهة، ولا تخافون أنتم بما أشركتم باللَّه غيره ما لم ينزل به عليكم سلطانًا؟! أي: حجة بأن معه شريكًا.
ثم قال: (فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ) وإنا أو أنتم من عبد إلها واحدًا يأمن عنده،