الفريق الثاني: ذهب إلى القول بأن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - لم يبين لأصحابه من معاني القرآن إلا القليل، وعلى رأس هَؤُلَاءِ السيوطي.
ثم شرع الدكتور الذهبي في عرض أدلة كل فريق:
فأدلة الفريق الأول من الكتاب والسنة والمعقول:
فمن الكتاب: قوله تعالى: (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ).
والبيان في الآية يتناول بيان معاني القرآن، كما يتناول بيان ألفاظه، وقد بَيّنَ الرسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - ألفاظه كلها، فلا بد أن يكون بَيَّنَ كل معانيه -أيضًا- وإلا كان مقصرًا في البيان الذي كلف به من اللَّه.
ومن السنة ما روي عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه قال: " حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن. . كعثمان بن عفان وعبد اللَّه بن مسعود وغيرهما: أنهم كانوا إذا تعلموا من النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عشر آيات لم يجاوزوها حتى يتعلموا ما فيها من العلم والعمل، قالوا: فتعلمنا القرآن والعلم والعمل جميعًا ".
فهذا الأثر يدل على أن الصحابة تعلموا من رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - معاني القرآن كلها، كما تعلموا ألفاظه.
ومن المعقول قالوا: إن العادة تمنع أن يقرأ قوم كتابا في علم من العلوم كالطب أو الحساب ولا يستشرحوه، فكيف بكتاب اللَّه الذي فيه عصمتهم، وبه نجاتهم وسعادتهم