قوله: (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا ... (١٥٩)
عن عائشة وأبي هريرة - رضي اللَّه عنهما - قال أحدهما: فتلكم في الكفرة (١)، وقال الآخر: في أهل الصلاة.
وقيل: هم الحرورية.
وقيل: هم اليهود والنصارى.
ولكن لا ندري من هم، وليس بنا إلى معرفة من كان حاجة.
ثم يحتمل وجوهًا ثلاثة:
يحتمل: فارقوا دينهم حقيقة؛ لأن جميع أهل الأديان عند أنفسهم أنهم يدينون بدين اللَّه، لا أحد يقول: إنه يدين بدين غير اللَّه.
ألا ترى أنهم قالوا: (مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى)، (هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ): فهم وإن كانوا عند أنفسهم أنهم يدينون بدين اللَّه، فهم في الحقيقة فارقوا دينهم، وليسوا على دين اللَّه.
ويحتمل قوله: فارقوا دينهم الذي أمروا به ودعا إليه الرسل والأنبياء - صلوات الله عليهم - فارقوا ذلك الدِّين.
ويحتمل: فارقوا دينهم الذي دانوا به في عهد الأنبياء والرسل بدين اللَّه، ففارقوا ذلك الدِّين، واللَّه أعلم؛ كقوله: (وَكَانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ)، وكقوله: (أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ. . .) الآية.
كانوا مؤمنين به، وصاروا شيعًا، أي: صاروا فرقًا وأحزابًا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ).
(١) في الأصل هكذا فتيكم في الكفرة وهي عبارة غير مفهومة ولعل الصواب ما أثبتناه. واللَّه أعلم. (مصحح النسخة الإلكترونية).