(قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ).
والثاني: ألا تشكرونه ولا تذكرونه ألبتَّة.
والثالث: يحتمل (قَلِيلًا مَا تَشْكُرُونَ) أي: المؤمنون يشكرون، ولا يشكر أُولَئِكَ، والمؤمنون قليل وهم أكثر.
والرابع: أي: ليس في وسعهم القيام بشكر أجميع ما أنعم عليهم؛ لكثرة نعمه لا يتهيأ لهم القيام بشكر واحدة، فكيف يشكرون، الجميع؟! فذلك الشكر قليل.
* * *
قوله تعالى: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ لَمْ يَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ (١١) قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢) قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (١٣)
قوله عَزَّ وَجَلَّ: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ) قال الحسن: قوله (خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ) أراد آدم خاصة؛ لأنه قال: (خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) أخبر: أنه أمر الملائكة بالسجود لآدم بعد الخلق، ولو كان المراد منه نحن، لكان السجود بعد خلقنا، وقد كان السجود قبل ذلك.
وقال غيره: المراد منه البشر كله؛ لأنه قال (ثُمَّ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ) أخبر أنه أمر الملائكة بالسجود لآدم، ولو كان المراد آدم بقوله (خَلَقْنَاكُمْ ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ) خاصة، لكان لابد أن يذكر آدم ثانيًا؛ فدل أنه أراد به ذريته.
وقَالَ بَعْضُهُمْ خلقناكم: أي، آدم، (ثُمَّ صَوَّرْنَاكُمْ) في أرحامكم، ويحتمل ما قال الحسن، ويحتمل وجهًا آخر: وهو أن قوله: (وَلَقَدْ خَلَقْنَاكُمْ) أي: قدرناكم من ذلك الأصل وهو نفس آدم؛ لأن الخلق هو التقدير؛ كما تقول: أنا خلقته، أي: قدرته،