الجهات كلها؛ كأنه يقول: لآتينهم من كل جهة.
والثاني: ما ذكر الحسن وأهل التأويل: (مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ): الآخرة تكذيبًا بها، (وَمِنْ خَلْفِهِمْ): الدنيا تزيينًا بها عليهم، (وَعَنْ أَيْمَانِهِ): الحسنات، (وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ): السيئات.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ).
هذا من عدو اللَّه ظن ظنه لا قاله حقيقة، لكن اللَّه - عَزَّ وَجَلَّ - أخبر أنه قد صدق ظنه بقوله: (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ).
* * *
قوله تعالى: (قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ (١٨) وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (١٩) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِنْ سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَنْ تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (٢٠) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (٢١)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (اخْرُجْ مِنْهَا).
يحتمل (مِنهَا): من السماء.
ويحتمل من الأرض.
ويحتمل من الصورة التي كان فيها على ما قلنا في قوله: (فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا). وقيل: الجنة.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَذْءُومًا مَدْحُورًا).
قيل: مَذْءُومًا مَدْحُورًا، أي: مذمومًا ملومًا عند الخلق جميعًا.
مدحورًا قيل: مقصيًّا مبعدًا عن كل خير. قال أَبُو عَوْسَجَةَ: مذءوم ومذموم