على المعتزلة؛ لأنهم يقولون: إن من قتل إنما هلك قبل بلوغ أجله، ويجعلون القاتل منه مستقدمًا لأجل ذلك المقتول، واللَّه - تعالى - يقول: (لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ).
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ): إذا جاء لا يستأخرون، وإذا لم يجئ لا يستقدمون.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (يَا بَنِي آدَمَ إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ ... (٣٥)
قال أهل التأويل: (إِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ)، أي: سيأتينكم رسل منكم، أو سوف يأتيكم يقصون عليكم ثم يحتمل قوله:
(يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي)، أي: هداي؛ كقوله: (فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنْ تَبِعَ هُدَايَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ)، فعلى ذلك قوله (يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي) أي: هداي، (فَمَنِ اتَّقَى وَأَصْلَحَ فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
ويحتمل الآيات: الحجج والبراهين التي يضطر أهلها إلى قبولها إلا من عاند وكابر.
(فَمَنِ اتَّقَى). اتقى الشرك. (وَأَصْلَحَ). وآمن باللَّه وعمل صالحًا.
(فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ).
وقوله: (فَمَنِ اتَّقَى) يحتمل: اتقى ما نهى الرسل أو اتقى المهالك، وأصلح فيما أمر به الرسل، أو أصلح أمره وعمله. (فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ) في ذهاب ما أكرمهم به مولاهم ولا فوته؛ لأن خوف الفوت مما ينقص النعم.
(وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ): تبعاته وآفاته: يخبر أن نعيم الآخرة على خلاف نعيم الدنيا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْهَا أُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٣٦)
ظاهر تأويلها، وقد ذكرنا في غير موضع حتى لم يأخذوا على أحد منهم.