تفضيل بعض البشر على بعض، وفي وضع الرسالة فيهم - أعني في الرسل - تفضيلهم، وذلك قد رأوا فيما بينهم، ولله تفضيل بعضهم على بعض؛ إذ له الخلق والأمر، ولكل ذي ملك وسلطان أن يصنع في ملكه ما شاء من تفضيل بعض على بعض وغيره.
أو يقول: (أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ): على يدي رجل منكم، ولو كان جاء الذكر على من هو من غير جوهركم، كان في ذلك لبس واشتباه عليكم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (لِيُنْذِرَكُمْ) عذاب اللَّه: (وَلِتَتَّقُوا) معاصيه (وَلَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ): إن اتقيتم ما نهاكم عنه، أو كان في قومه من يجوز أن يرحم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَكَذَّبُوهُ فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا عَمِينَ (٦٤)
يعني نوحًا فيما دعاهم إلى عبادة اللَّه ووحدانيته، ونهاهم عن عبادة غير اللَّه، أو كذبوه فيما آتاهم من آيات يبوته ورسالته.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَنْجَيْنَاهُ).
يعني نوحًا، والذين آمنوا في الفلك.
(وَأَغْرَقْنَا).
الذين كذبوا بآياتنا، إذا كان إهلاك القوم إهلاك تعذيب وعقوبة، ينجي أولياءه ويبقيهم إلى الآجال التي قدر دهم، ويكون ذلك نجاة لهم من ذلك العذاب الذي حل بالأعداء.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا): أي: بآياتنا، التي جعلناها لإثبات