قيل: حجة، أي: لم ينزل لهم حجة في عبادتهم غير اللَّه.
وقيل: السلطان هاهنا عذر، أي: لم ينزل لهم عذرًا في ذلك.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَانْتَظِرُوا).
أي: انتظروا أنتم وعد الشيطان.
(إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ) وعد الرحمن.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ) أي: من حجة في تسميتهم الأصنام التي عبدوها دون اللَّه ما سموها آلهة وشفعاء ونحوه، كأنهم إنما جادلوه في تسميتهم آلهة وشفعاء، وأنْ ليس لهم حجة ولا عذر في عبادتهم غير اللَّه، ولا في إشراكهم غيره في العبادة والألوهية.
(فَانْتَظِرُوا): قال الحسن: انتظروا أنتم مواعد الشيطان، (إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ): لمواعد اللَّه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَأَنْجَيْنَاهُ ... (٧٢)
يعني هودًا (وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا).
إن من حكم اللَّه أنه إذا أهلك قومًا إهلاك تعذيب، استأصلهم وأنجى أولياءه ونصر هم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (بِرَحْمَةٍ مِنَّا) يحتمل قوله (بِرَحْمَةٍ مِنَّا): برحمته التي هداهم عَزَّ وَجَلَّ، ولولا رحمته ما اهتدوا، لكنه رحمهم فهداهم، فبرحمته اهتدوا، ويحتمل أنه إنما أنجاهم من العذاب برحمة منه، وإلا كانت لهم ذنوب وخطايا يستحقون بها العذاب، لكنه أنجاهم بإحمة منه وفضل، واللَّه أعلم.
وفيه: أن من نجي إنما نجى برحمته وفضله، وإن كان رسولًا لا باستيجاب منه النجاة، وهو ما روي حيث قال: " لا يدخل الجنة أحد إلا برحمة اللَّه، قيل: ولا أنت يا رسول اللَّه؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني اللَّه برحمته ".