(إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ) أي: لا يجيبوكم.
وجائز أن يكون يخاطب به أهل مكة؛ يقول: وإن تدعوا الأصنام التي تعبدونها إلى الهدى لا يملكون إجابتكم؛ يسفههم في عبادتهم من حاله ما وصف.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ).
أمكن أن تكون الآية في قوم علم اللَّه أنهم لا يؤمنون أبدًا؛ كقوله: (سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ).
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (وَإِنْ تَدْعُوهُمْ) يعني: المشركين (إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ)؛ فعلى ذلك يخرج قوله: (سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ).
وأمكن أن يكون قوله: (سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ) في الأصنام، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ ... (١٩٤)
يحتمل قوله: (تَدْعُونَ) أي: تعبدون من دون اللَّه، وقد كانوا يعبدون من دون الله أصنامًا وأوثانًا.
ويحتمل (تَدْعُونَ) أي: تسمونهم من دون اللَّه آلهة.
وقوله: (عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ) في الخلقة والدلالة على وحدانية اللَّه في التدبير دونهم؛ لما قال: (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا. . . .) إلى آخر ما ذكر، أي: ليس لهم ما ذُكِر فهم دونهم في التدبير والمعونة.
ويحتمل قوله: (تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ) الملائكة الذين عبدوهم أهم، عباد أمثالكم، فلا تسموهم آلهة، أي: لا تعبدوا عبادًا أمثالكم، ولكن اعبدوا من لا مثل له ولا نظير له.
وإن كان قوله: (عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ) الملائكة، فقوله: (أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا. . . . .) الآية، هو منه مقطوع منصرف إلى الأصنام.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ).
ذكر الدعاء والاستجابة، ولم يبين في ماذا يستجيبون، ولا يجب أن تفسر الاستجابة في الشفاعة، أو في التقريب إلى اللَّه، أو في غيره؛ إلا أن يعلم أنهم كانوا يدعونهم بكذا،