بذلك؛ فهو خير الماكرين.
وقيل: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ)، أي: أرادوا قتله، (وَيَمْكُرُ اللَّهُ): أراد قتلهم فقتلهم، ببدر، (وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) أي: أفضل مكرًا منهم، غلب مكره مكرهم.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: قوله: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ)، أي: يجزيهم جزاء مكرهم.
وقوله: (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (٣١)
يحتمل قوله: (آيَاتُنَا): آيات القرآن التي كان يتلو رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.
ويحتمل آياته: حججه وبراهينه التي توجب التوحيد وتصديق الرسل.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَالُوا قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا).
قالوا ذلك متعنتين؛ إذ كان يقرع أسماعهم قوله: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ)، وقوله: (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ. . .) الآية، ثم لم يكن يطمع أحد منهم أن يأتي بمثله، وتكلفوا في ذلك؛ دل أن قولهم: (لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا) تعنت وعناد.
(إِنْ هَذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) كذلك كان يقول العرب: إنه أساطير الأولين.
* * *
قوله تعالى: (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٣٢) وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ (٣٣) وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللَّهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (٣٤) وَمَا كَانَ صَلَاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً فَذُوقُوا الْعَذَابَ بِمَا كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ (٣٥)
وقوله: (وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ. .) الآية.
يذكر نهاية سفههم، وغاية جرأتهم على اللَّه، وبغضهم الحق، مع علمهم أن اللَّه هو الإله، وأنه قادر على إنزال العذاب، وله السلطان على إمطار الحجارة بقولهم: (اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ)، فلم يبالوا هلاك أنفسهم؛ لشدة سفههم، وجرأتهم على اللَّه، وبغضهم الحق، وذكر