أخذ كذلك بمقتضى الكتاب وانطلاق من عين المسلمات الني أسلفنا لك عند القول فيه، وهكذا فقل في السنة على ما هو في غاية الظهور، فهذه هي الحال الأولى لما ليس له حكم المرفوع من مأثور الصحابة، عليهم الرضوان.
وأما الحال الثانية لذلك وهي: أن يقع منهم الاختلاف فيه على وجه لا يتبين معه الصواب في قوله هذا أو ذاك، فإن أهل السنة لا يلتفتون إلى مأثور الصحابة في مثل هذه الحال؛ لعدم الجدوى بالكلية فيما لا يتبين وجه الصواب فيه كما هو جلي.
وأما الحالان الباقيان لذلك بألا يصل اختلافهم فيه إلى خفاء وجه الصواب منه، أو يثبت عن أحدهم الأثر دون أن يعرف إجماع منهم عليه ولا اختلاف فيه - فإنه يترجح عند أهل السنة في هاتين الحالين الأخذ بمقتضى مأثور الصحابة في تفسيرهم؛ انطلاقًا منهم في ذلك -أيضًا- من مسلمات ثلاث:
إحداها: أن هَؤُلَاءِ الصحابة ينبغي أن يكونوا خير الناس معرفة بهذا التنزيل المجيد من جهة أن أكثرهم عرب خلص؛ فينبغي التحاكم إليهم فيما هو بلسانهم عربي مبين غير ذي عوج.
الثانية: أن أكثرهم كذلك حضروا الوحي، وشهدوا وقائع التنزيل فينبغي أن ينتهي الأمر إليهم فيما يمكن أن يكونوا قد حضروه، وشهدوا وقائعه.
الثالثة: أن لهم فوق هذا كله من الفهم التام والعلم الصحيح ما ليس لسواهم، فهم أحق إذن أن يؤخذ بفهمهم وعلمهم.
ومن هذا يتبين:
أولاً: تفسير الصحابي له حكم المرفوع، إذا كان مما يرجع إلى أسباب النزول، وكل ما ليس للرأي فيه مجال، أما ما يكون للرأي فيه مجال، فهو موقوف عليه ما دام لم يسنده إلى رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.
ثانيًا: ما حكم عليه بأنه من قبيل المرفوع لا يجوز رده اتفاقًا، بل يأخذه المفسر ولا يعدل عنه إلى غيره بأية حال.
ثالثًا: ما حكم عليه بالوقف، تختلف فيه أنظار العلماء:
فذهب فريق: إلى أن الموقوف على الصحابي من التفسير لا يجب الأخذ به؛ لأنه لما