وقوله (بَطَرًا)، كفرانًا وتكبرًا، أي: خرجوا متكبرين كافى ين.
(وَرِئَاءَ النَّاسِ) يحتمل ومراءاتهم وجهين:
أحدهما: ومراءاتهم في الدِّين؛ لأنهم قالوا: اللهم انصر أهدانا سبيلًا، وأوصلنا رحمًا، وأقرانا ضيفا عندهم أنهم على حق، وأن المؤمنين على باطل.
ويحتمل: ومراءاتهم في أمر الدنيا؛ لأنهم كانوا أهل ثروة ومال، وأهل عدة وقوة، خرجوا مرائين للناس.
وقوله: (وَرِئَاءَ النَّاسِ) لأنهم كانوا أهل الشرف عندهم، فخرجوا لمراءاة الناس.
(وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ).
أي: يصدون الناس عن دين اللَّه؛ أخبر - عَزَّ وَجَلَّ - عن خروج أُولَئِكَ الكفرة أنهم خرجوا لما ذكر، فكان فيه أمر للمؤمنين بالخروج على ضد ذلك؛ كأنه قال: اخرجوا على ضدّ ما خرجوا هم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَاللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ).
أي: علمه محيط بهم، لا يغيب عنه شيء من مكائدهم وحيلهم والمكر برسول اللَّه في الدفع عنه والنصر له.
والثاني: محيط بما يعملون، يجزيهم ويكافئهم، ولا يفوت عنه شيء؛ على الوعيد، واللَّه أعلم.
* * *
قوله تعالى: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لَا تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ (٤٨) إِذْ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هَؤُلَاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٩)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ).
قَالَ بَعْضُهُمْ: زين لهم الشيطان أعمالهم بالوساوس، وقال: (لَا غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ)، وإنما قال لهم هذا ووسوس لهم لما ألقى إليهم: إنكم أهل حرم الله وسكان بيته وحفاظه، فيقول: يدفع عنكم نكبة هَؤُلَاءِ، يعني: أصحاب محمدٍ كما دفع عنكم فيما كان من قبل.