ثانيها: ما كان تفسيرًا للقرآن بالسنة الصالحة للحجية.
ثالثها: ما كان تفسيرًا بما له حكم المرفوع إلى النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - من أقوال الصحابة، عليهم الرضوان.
رابعًا: ما كان تفسيرًا للقرآن بما أجمع عليه الصحابة أو التابعون.
وهذه الألوان الأربعة من التفسير يجب عند أهل الحق أخذها والتعويل عليها على هذا الترتيب، الذي وقفناك عليه، لكن بشرط ألا يتعارض أي منها تعارضًا حقيقيًّا يتعذر فيه الجمع مع المعقول القطعي، فإن وقع مثل ذلك التعارض وجب تأويل المنقول وطرح ظاهره لأجل المعقول في جميع هذه الألوان.
خامسها: ما اختلف فيه الصحابة اختلافًا لا يخفى معه وجه الصواب.
سادسها: ما لم يعرف فيه من مأثور الصحابة كذلك إجماع ولا اختلاف.
سابعها: ما كان له حكم المرفوع المرسل من مأثور التابعين، واعتضد مع ذلك بمرسل آخر أو نحوه من شاهد أو تابع، أو تحقق في قائله شرط الإمامة والأخذ لأغلب تفسيره عن الصحابة.
وهذه الثلاثة الأخيرة يترجح عند القوم الأخذ بها في التفسير ترجحًا فحسب، لكن يشترط ألا تتعارض مع معقول ولو ظنيًّا، وإلا طرحت بالكلية، أو طرحت ظواهرها على أقل تقدير لأجل المعقول أيضًا.
هذا: وقد تدرج التفسير بالمأثور في دورين: دور الرواية، ودور التدوين.
أما في دور الرواية، فإن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بين لأصحابه ما أشكل عليهم من معاني القرآن، فكان هذا القدر من التفسير يتناوله الصحابة بالرواية بعضهم لبعض، ولمن جاء بعدهم من التابعين.
ثم وجد من الصحابة من تكلم في تفسير القرآن بما ثبت لديه عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - أو بمحض رأيه واجتهاده، وكان ذلك على قلة يرجع السبب فيها إلى الروعة الدِّينية التي كانت لهذا العهد، والمستوى العقلي الرفيع لأهله، وتحدد حاجات حياتهم العملية، ثم شعورهم مع هذا بأن التفسير شهادة على اللَّه بأنه عنى باللفظ كذا.
ثم وجد من التابعين من تصدى للتفسير، فروى ما تجمع لديه من ذلك عن رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -