وَلَايَتِهِمْ)، أي: من تمام ما ذكرنا من ولاية الدِّين، وليس لهم ولاية التناصر، والتعاون، والحقوق، والمنافع التي تكتسب بالدِّين.
وفي قوله: (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا) دلالة نقض قول المعتزلة؛ لأنه جل وعلا أبقى في المهاجرين الذين لم يهاجروا اسم الإيمان، وكانت الهجرة عليهم مفروضة، وهم في تركهم الهجرة مرتكبين كبيرة، فدل أن صاحب الكبيرة لا يزول عنه اسم الإيمان.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ).
أي: أولو الأرحام إذا آمنوا وهاجروا بعضهم أولى ببعض من غيرهم؛ لأنهم إذا آمنوا وهاجروا ولهم قرابة سابقة ورحم متقدم، كانوا هم أولى من غيرهم الذين لا قرابة بينهم ولا رحم؛ إذ اجتمع فيهم الرحم، والمعونة، والنصر، والديانة، والحقوق، اجتمع فيهم أشياء أربعة، وفي أُولَئِكَ ثلاثة، فهم أولى بهم من غيرهم؛ هذا على التأويل الذي ذكرنا، واللَّه أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَإِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ).
يعني: الذين لم يهاجروا؛ يحتمل وجهين:
الأول: يحتمل: إذا طلبوا منكم المعونة والنصرة على عدوهم، فعليكم النصر والمعونة لهم، إذا لم يكن بينكم وبين أُولَئِكَ ميثاق.
والثاني: إذا علمتم أنهم يخشون على أنفسهم من عدوهم ويخافونه فانصروهم (إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ) أي: إذا استنصروكم في الدِّين على قوم بينكم وبينهم ميثاق فلا تنصروهم، أي: وليس عليكم أن تنصروهم، تأويله: حتى تنبذوا إليهم العهد؛ يقول: إذا استنصركم يا معشر المهاجرين - إخوانكم المؤمنين الذين لم يهاجروا إليكم فأتاهم عدوهم من المشركين فقاتلوهم ليردوهم عن الإسلام - فانصروهم، ثم استثنى فقال: (إِلَّا عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ)؛ يقول: إن استنصروكم الذين لم يهاجروا إلى المدينة على أهل عهدكم، فلا تنصروهم.
(وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ): في المعونة، والنصرة، ونحوه.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ).