وقوله أيضًا: (يُضَاهِئُونَ قَوْلَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ)، أي: يشبه النصارى بقولهم لعيسى إنه ابن اللَّه قول اليهود من قبل: عزير ابن اللَّه؛ فضاهى النصارى في عيسى اليهود قبلهم في عزير.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ).
هذه الكلمة كلمة اللعن، تستعمل عند مناكير القول والفعل من غير حصول المنفعة.
وقوله: (أَنَّى يُؤْفَكُونَ) يحتمل: من أين يؤفكون ويفترون على اللَّه على غير شبهة اعترضت لهم.
ويحتمل: (أَنَّى يُؤْفَكُونَ)، أي: كيف يؤفكون بلا منفعة تحصل لهم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهًا وَاحِدًا لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (٣١)
قيل: الأحبار: هم العلماء، والرهبان: هم العباد.
وقيل: الأحبار: هم أصحاب الصوامع من اليهود، والرهبان: من النصارى.
وقوله: (اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ) يحتمل أن يكون هذا في السفهاء والأتباع، وقوله: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ): في العلماء منهم والرؤساء، فاتخذ الأتباع أُولَئِكَ أربابًا يتبعونهم في جميع ما يدعونهم إليه، يأتمرون بهم في جميع أوامرهم ونواهيهم؛ لا أنهم عبدوهم، ولكن ذكر أربابًا لما ذكرنا من اتباعهم وانتظارهم إياهم فيما يدعونهم إليه ويأمرونهم؛ كقوله: (يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ)، وقول إبراهيم لأبيه: (لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ)، ولا أحد يقصد قصد عبادة الشيطان وطاعته، ولكن نسب العبادة إليه؛ لما يجيبونه في كل ما يدعوهم إليه ويأمرهم به؛ فعلى ذلك هذا.
ويحتمل ما روي في الخبر - إن ثبت - أنهم لم يعبدوهم، ولكن هم أحلوا لهم أشياء حرمها اللَّه، عليهم فاستحلوها، أو حرموا عليهم أشياء أحل اللَّه ذلك لهم، فحرموا ذلك فقيل: اتخذوهم أربابًا - واللَّه أعلم - يخرج هذا في الأحبار والرهبان على