جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ. . .) الآية.
أو التعذيب في الدنيا هو القتل؛ يقتلون إن لم يخرجوا.
وفي الآية دلالة الرد على المعتزلة؛ لأنهم يقولون: لا يعطي اللَّه أحدًا شيئًا إلا ما هو أصلح له في الدِّين، ثم قال لرسول اللَّه: (فَلَا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلَا أَوْلَادُهُمْ)، ولو كان لم يعطهم الأموال والأولاد إلا للخيرات والصلاح، فكأنه قال: لا يعجبك ما أعطيتهم من الخيرات والصلاح، فذلك بعيد؛ فدل أنه قد يعطي خلقه ما ليس بأصلح لهم في الدِّين.
وكذلك في قوله:
(أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ. . .). الآية، دلالة الرد على قولهم؛ لأنه قال: (أَيَحْسَبُونَ أَنَّمَا نُمِدُّهُمْ بِهِ مِنْ مَالٍ وَبَنِينَ (٥٥) نُسَارِعُ لَهُمْ فِي الْخَيْرَاتِ)، ثم قال: (بَلْ لَا يَشْعُرُونَ)، أنه يمدهم به لا للخيرات؛ دل أنه قد يعطي خلقه ما ليس هو أصلح لهم في الدِّين.
وفي قوله: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) دلالة الرد عليهم أيضًا؛ لأنه أخبر أنه يعذبهم في الدنيا والآخرة، ولا يعذبهم مجانًا فيما لا فعل لهم في ذلك؛ دل أن لهنم صنغا في ذلك، وأنه إنما يعذبهم بفعل اكتسبوه.
وفي قوله: (إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا) دلالة أن ليس كل ما يعطيهم إنما يعطيهم ليرحمهم به، ولكن يعطيهم لما علم منهم، فإن كان علم منهم أنهم يستعملون ما أعطاهم من الأموال وغيرها فيما فيه هلاكهم، أعطاهم لذلك، ومن علم منهم أنهم يستعملونه لنجاتهم أعطاهم ليرحمهم به، فإنما أعطي كلًّا ما علم أنه يكون منهم؛ لأنه لو أعطاهم على غير ما علم منهم يكون في إعطائه مخطئًا.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ).
قيل: تخرج أنفسهم وتهلك خوفًا.
قال أَبُو عَوْسَجَةَ: يقال: خرج نفسه من فمه.
وقيل: تذهب أنفسهم؛ كقوله: (وَزَهَقَ الْبَاطِلُ) أي: - ذهب.
وكذلك قال أبو عبيد: تزهق، أي: تذهب.