وقال أَبُو عَوْسَجَةَ: المؤتفكات: هي من الإفك؛ وهو الصرف (أَنَّى يُؤْفَكُونَ)، أي: يصرفون.
وقَالَ بَعْضُهُمْ: المؤتفكات: المكذبات؛
(أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ) وفكذبوهم فاهلكوا. وهو من الانقلاب؛ كأنه أشبه، والله أعلم.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ).
بتعذيبه إياهم، ولا يعذبهم وهم غير مستوجبين لذلك العذاب، ولكن هم ظلموا أنفسهم؛ حيث كذبوا رسله وردوا ما جاءوا به من البينات والبراهين.
* * *
قوله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٧١) وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٧٢)
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ).
يحتمل قوله: (بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ) على الإيجاب والإخبار أن الدِّين الذي اعتقدوا أو تمسكوا به يوجب لهم الولاية، ويصير بعضهم أولياء بعض؛ كقوله: (إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ. . .) الآية، وقوله: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) ونحوه، فهي أخوة الدِّين وولايته.
ويحتمل قوله: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ): على الأمر، أي: اتخذوا بعضكم أولياء بعض، ولا تتخذوا غيركم أولياء؛ كقوله: (لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ) وقوله: (لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ)، نهى المؤمنين أن يتخذوا أولياء من غيرهم، فكأنه أمر أن يتخذ المؤمنون بعضهم بعضًا أولياء، لا يتخذوا من غيرهم.
ثم يحتمل الولاية وجهين:
الأولى: ولاية روحانية؛ وهي ولاية في الدِّين توجب مراعاة حقوق تحدث بالدِّين الذي جمعهم وحفظها.