الشريعة، ولم يحترموا قوانين اللغة العربية في فهم أبلغ النصوص العربية: كتاب اللَّه وسنة رسوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -.
والأدهى من ذلك أنهم يتخيلون ويخيلون إلى الناس، أنهم هم أهل الحقيقة الذين أدركوا الغاية، واتصلوا باللَّه اتصالاً أسقط عنهم التكليف، وسما بهم عن حضيض الأخذ بالأسباب، ما داموا في زعمهم مع رب الأرباب، وهذا -لعمر اللَّه- هو المصاب العظيم الذي عمل له الباطنية وأضرابهم من أعداء الإسلام، كيما يهدموا التشريع من أصوله، ويأتوا بنيانه من قواعده: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) ".
إذن يجب عدم الانسياق وراء الشطحات والتخييلات التي تخرج بالنص القرآني عن مراده ومعناه المتوخى، واللَّه أعلم.
هذه هي المناهج التفسيرية العامة التي اعتمدها القدماء واستخدموها في تفسيراتهم بدرجات متفاوتة، فقد اعتمد بعض المفسرين منهج التفسير بالمأثور، وبعضهم اعتمد منهج التفسير بالرأي، وبعضهم فسر القرآن تفسيرًا إشاريًّا، وبعضهم جمع بين منهجين أو أكثر، وكل مفسر -في النهاية- له منهجه الخاص الذي يستند إلى المنهج العام الذي ينتمي إليه، سواء كان منهج التفسير بالمأثور أو بالرأي أو الإشاري.
ثانيًا: منهج المدرسة الحديثة في التفسير:
تبين لنا من خلال ما سبق أن التفسير في القديم اعتمد عدة مناهج، فنشأ التفسير شرحًا للفظ غامض أو توضيحًا لمعنى بعيد، ثم تطور إلى تفسير بالمأثور، وتفسير بالرأي.
وفي عهد التقليد والجمود تأثر التفسير بثقافة المفسر، وليس ذلك عيبًا بذاته، ولكن العيب أن يتحول التفسير إلى كتاب في القواعد والإعراب، أو البلاغة والبيان، أو آراء الفرق والرد عليها.
قال السيد مُحَمَّد رشيد رضا في مقدمة تفسير المنار:
" كان من سوء حظ المسلمين أن أكثر ما كتب في التفسير يشغل قارئه عن مقاصد القرآن العالية وهدايته السامية، فمنها ما شغله عن القرآن بمباحث الإعراب، وقواعد النحو، ونكت المعاني، ومصطلحات البيان، ومنها ما يصرفه عنه بجدل المتكلمين وتعصب